المقالات

لماذا تتأخر الموازنات؟

1100 2021-04-06

 

 واثق الجابري ||

 

 عقدة سنوية لا يمكن حلها إلا بمرور أشهر من العام، أو ينتهي دون أن تُحل ويبقى العراقيون ينتظرون أشهرا، فبائع  الشاي والسكائر والمشمولون بالرعاية الإجتماعية والموظفون، ومن يريد التعيين ينتظرون إقرار الموازنة.. ومنهم من يبني آمالا أو يتخوف أن لا تقر أو تأتي بتعليمات، أكثر إجحافاً تزيد من واقعه سوءً.

يبدو أن أصل المشكلة يعود لسوء التفسير، للفقرات القانونية والدستور، وعدم فهم النظام الديمقراطي والفصل بين السلطات.. فهناك تجاوز في الصلاحيات، ومن مساحة سلطة على آخرى، وتغاضي أحد الأطراف على تجاوز الآخر، سواء كان ذلك لمصلحة حزبية، أو إتفاق سياسي بمقايضة مكسب مشابه.

 تبدأ التفاوضات قبيل نهاية العام ولا تنتهي بإقرارها، وتبقى ملاحظات المواطن وتقولات الساسة، وكأن إقرارها مخالف لأهدافها ودورها الذي جعلها شريان حياة الدولة، ومحركة لقطاعاته التي تبدأ من المشاريع، وتسديد الديون للفلاحين والمقاولين، لتنعكس على بقية القطاعات المتخادمة، لتعود بالإيجابية على الإقتصاد الوطني، ولكن من يصدق  وتلك القوى التي  وافقت على إقرارها تشكك بمضامينها، ودوامة النقاش لا تنتهي حتى بالمزايدات وزج الشارع بتفاصيل لا يعرف من طرفها المقصر؟ وهل من يأخر الموازنة هي الحكومة أم البرلمان؟ لأن الحكومة تقول البرلمان وهو يقول الحكومة؟!

تحدد واجبات البرلمان بثلاث مهام رئيسة هي؛ التشريع والرقابة وإقرار الموازنة، فيما واجب الحكومة التنفيذ وإقتراح القوانين، ولكن الواقع  أن البرلمان يتدخل في العمل التنفيذي، ومعظم أوقات النواب في أروقة السلطات التنفيذية؛ ليس لغرض الرقابة وإنما لترويج المعاملات والتوسط، والضغط للحصول على مشاريع ومقاولات، فيما فُسر تشريع القوانين بأن تصدر من الحكومة، وللبرلمان الدراسة والإقرار، لذا إندرجت الموازنة ضمن هذا السياق وتراخى البرلمان بإنتظار الحكومة، وأبتعدنا عن أصل الديمقراطية وحكم سلطة الشعب الذي خول من ينوبه، للتشريع والرقابة وإقرار الموازنة، وهو كفيل بما يتطلب من قوانين ويراقب عمل الحكومة ويقر الموازنة  ويلزم الحكومة بإعدادها.

 موازنة 2021م  لا يختلف عن ما سبقه، فقد قدمتها الحكومة في الأسبوع الأخير من  العام، وعند تدقيق الأيام، إكملت يوم الخميس وهذا لا يكفي لإستلامها وقرائتها، وجاءت الجمعة والسبت عطل، ودخلت البرلمان في اليوم الثالث من العام الحالي، وهذا يبدو كأنه عرف غير مستغرب لدى فواعل السياسة، والموازنات في بعض منها لم يصوت عليها لعام كامل، ولعل الخلافات تعزيها القوى السياسية، الى عدم وجود توافق  عليها، وبحاجة الى مزيد من الحوارات السياسية، ناهيك عن المزايدات والمطالبات التعجيزية في الوقت الضائع، بعيداً عن الإشكاليات الفنية والفلسفية، التي من المفترض هي نقاط الجدل والحوار.

 إن دور البرلمان إقرار الموازنة كأحد واجباته الرئيسية، وهذا لا  يعني أن نوابه يضعون أيديهم على خدودهم وينشغلون بالتصريحات، وإنتظار متى ترسلها الحكومة حتى تبدأ حلقة جديدة، من الجدل والمزايدة والبكاء على مواطن،  هو المتضرر الأول من إرباك تأخير الموازنة وبعض فقراتها المجحفة، وفي معظم الدول تبدأ الحكومات من الشهر الخامس بكتابة الموازنة، لتكتمل في الشهر الثامن أو بداية التاسع، ليتسنى للبرلمان قرائتها بشكل منهجي وإقرارها قبل نهاية العام لتشرع الحكومة بتنفيذها بداية السنة؛ كي تؤدي دورها بشكل علمي، ولا نقع بفخ صعوبة تنفيذ مشاريع سقوفها 12 شهر، وعند الإقرار في وقت متأخر، سوف يتوقف المشروع بإنتظار العام التالي، ليكمل عند إنطلاق موازنة على نفس سياق سابقتها في وقت متأخر، وبذلك يتخالف التطبيق مع شروط العقود.

سألت أحد معدي ومقدمي البرامج؛ لماذا معظم ضيوف القنوات من إعضاء البرلمان، فيما لا نجد عضو كونغرس الأمريكي أو مجلس العموم البريطاني، أو مجلس الشورى الإيراني أو الكنيست الإسرائلي، ولماذا أعضاء الحكومة أيضاً من رئيس وزراء الى مدير عام وما دون،  والمفترض أن تكون  الإستضافة في حال وجود جدل في قانون، أو خلل في عمل حكومي، فأجاب أن البرلمان دائماً في جدل والحكومة في خلل، ومعظم القنوات حزبية أما تروج لمشروعها بإستضافة أعضائها أو لإسقاط غيرها، أو قنوات صفراء تشغل الشارع بالمتناقضين لإشاعة الفوضى وإضعاف الدولة، وبذلك  ساد كلام السياسة على الفعل المكلف به الشخص المسؤول، ووقف البرلمان متفرجاً في كل دوره بإنتظار الحكومة لإرسال الموازنة، وحسابات المكاسب، وبالنتيجة لا يحل إقرار الموازنة إلاّ بالتوافق، وبالتالي توافق لحسابات سياسية بعيدة عن واجبات التشريع.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك