المقالات

عتابة وسويحلي وراوتر..!

2098 2021-04-07

 

حمزة مصطفى ||

 

لا أعرف على وجه التحديد لماذا إقترن الليل بالعتابة. أفضل من يمكنه الإجابة عن هذا السؤال الراحل جبار عكار. وعكار مولود ربابي لانظير له الإ في عود نصير شمة وكمان فالح حسن وبحة صوت زهور حسين حين تتسلطن صادحة (لولا الغرام حاكم). هؤلاء علامات فارقة وماركات مسجلة ولا تحذروا  التقليد. بالعودة الى الليل والعتابة فإن أقرب مقاربة لهذا الإقتران الذي يعبر عنه بالمقولة المشهورة "جيب ليل وخذ عتابة" هو عدم وجود البدائل التي يمكن أن ينشغل بها الناس وفي المقدمة منها وسائل التواصل الإجتماعي إذا جاز التعبير آنذاك.

فماعدا الصحف التي لم يكن جبار عكار من قرائها فإن الراديو والتلفزيون لم يكونا قد وصلا وحتى لو كانا دخلا العراق (الإذاعة 1936) و(التلفزيون 1956) فإنهما لم  ينتشرا الإ في المدن الكبرى أول الأمر, فالريف لم تصله الكهرباء (بالنسبة للتفلزيون) الإ في ستينيات وسبعينيات القرن  الماضي. كان الليل هو (الونيس) الوحيد لأهالي الأرياف حيث "التعاليل" التي كانت تقوم  بكل ماتقوم  به الآن "السوشيال ميديا". الفارق الرئيس بين "تعلولة" أيام زمان التي كان بطلها في الغالب مطرب وربابة وبين "تعاليل" اليوم إنها كانت وجها لوجه  وعن قرب مع القهوة التي تبدأ من  المرور بحمد على متن قطار الليل وتنتهي في الشاي على وقع "خدري الجاي خدريه عيوني المن أخدره".

عقب إنتشار الميديا والسوشيال ميديا وآخرها تطبيق "كلوب هاوس" إختلفت صيغ العلاقات الإنسانية والإجتماعية. فالليل كان الحاضنة الأهم لكل علاقات التواصل بين الناس. والليل يبدأ  خصوصا  في الأرياف عند مغيب الشمس حيث لا مطاعم ديلفري ولا همبركر ولا كنتاكي تصلك عبر الماطور بعد أن تحجز بالموبايل نوع الوجبة التي تفضل. الوجبات  المتوفرة في كل بيت هي "المثرودة والخميعة والدبس والدهن وإستكانات الشاي ودلال القهوة التي ليست من نوع بن العميد أو الفرنسية أو رضا علوان, بالإضافة الى التمر واللبن وأحيانا الرائب.

أمام تلك المغريات آنذاك يصدح صوت عكار ومن يماثله من عازفي الرباب "هلك شالوا على مكحول ياشير". ومع تفاعل الحاضرين الذين تدور عليهم إستكانات الشاي وفناجين القهوة ينتقل  الى "التجليبة" شاكيا حاله مع  الليل الطويل "أجلبنك يليلي 12 تجليبة .. تنام المسعدة وتكول مدري به". المسعدة وحدها هي التي كانت تنام  بينما عازف الربابة بقي عاشقا نائحا صادحا حتى لم يعد الليل طويلا, ولم تعد هناك حاجة الى العتابة والسويحلي خصوصا في الهزيع الأخير من الليل قبيل طلوع الفجر. وحيث كان المرء  بحاجة الى أصدقاء كثر يتسامر معهم وجها لوجه صار له اليوم الآف  الأصدقاء الإفتراضيين الذي يتسامر معهم في كل الأوقات حيث لكل صديق توقيته الخاص لأنهم باتوا ملء الكرة الأرضية. ولأنهم لا عد لهم ولاحصر فإن علاقته معهم تبدأ مع  معرفة "الباسوورد" وتنتهي بوقف النت. الأمر يحتاج الى "ترسيت" الراوتر والإ فقدت كل أصدقائك الذين "تزامط بيهم" عـ "الخالي بلاش".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك