الشيخ خير الدين الهادي الشبكي ||
لطالما وقفت على سفح جبل الروايات التي كانت تشع بين ألفاظها التأويلات الممتدة الى عمق الفكر لتتسابق الفرضيات والتكهنات الى عالم الحضور والظهور فينال كل على حسب حظه من العلم والحكمة في تقدير المضمر من الاقوال والكشف عن حقيقتها التي تكفلت ببيانها الايام.
ان الروايات التي كانت ولا تزال مصدر الالهام والتوكل قد لا تنكشف دلالاتها الحقيقية الا بالانتظار فمثلا حينما كنا نقرأ في رواية منسوبة الى المعصوم ان منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب مال، كنا نتصور ان الامر متعلق فقط بزمن الحضور فالتصورات كانت ان طالب العلم الذي ينعم بالعزة والعلو لا يصل الى حد الاشباع مهما بلغ رتبته العلمية كما المراجع العظام، وفي المقابل كذلك طالب المال الذي ينغمس في ملذات الدنيا حتى يفوته غاية وجوده فتلاحقه النكبات والخزي في الدنيا بل وفي الاخرة كما الجبابرة والظالمين.
ان تجربة الايام كشفت ان المعادلة لا تتوقف في مسيرة طالب العلم وطالب المال او الدنيا بالموت او الفناء فهذا الصدر العظيم الذي اشتهر عليه طلبه للعلم وزهده عن الدنيا وما فيها من الملذات الا انه كان كبيرا في اعين المجتمع وان تعرض لابشع جريمة في العصر الحديث على يدي زمرة البعث الكافرة، ويوما بعد آخر ينتصب له الحقوق ويزدان له الكرامات حتى بات قبلة المتوجهين وكل يتشرف بالانتساب اليه ، والاجيال تتسابق لمعرفة المزيد عنه وعن علومه وكراماته التي اشغلت الدارسين والباحثين.
واما اعداءه من طلبة المال والدنيا فقد كان كل شيء بين يديهم من المال والجاه ومتاع الدنيا وقد وقفوا في يومهم يتحدون الحق المتمثل بالصدر العظين آنذاك ولم يتهاونوا في ارتكاب ابشع الجرائم هربا من قوة الصدر وهيبته التي كانت وستبقى لتقول لمن يحاول البحث عن الهداية ان الدنيا لا استقرار لها فكل ما فيها حدث عارض وقابل للزوال ولا يبقى للانسان الا ما توفق اليه من الخير وطلب العلم.
ان مسيرة الصدر مع هدام كانت حافلة بالمعطيات التي يمكن لكل فرد ان يجعل منها تجربته في الدنيا، فقد كان هدام ينتظر من السيد الصدر كلمة فقط، ولكن الصدر العظيم اكد ان الكلمة هي التي تفصل الحق عن الباطل وهي التي ساقت الملايين الى النار او الى الجنة وهي التي كشفها الحسين عليه السلام في وجه يزيد لع وأكدها الصدر بموقفه امام هدام الذي تمثل بيزيد العصر لينقسم بذلك الناس من جديد بين معسكر الحسين عليه السلام ومعسكر يزيد لع فهينئا لمن كان مع الصدر وتعسا لمن آمن بهدام ليكون معه في تحمل مسيرة الخزي والعار الممتدة حتى بعد زوالهم والى ما شاء الله.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha