حمزة مصطفى ||
آخر ماينبغي علينا كعراقيين الإحتفاظ به كمستمسك يضاف الى الخمسة الخالدات هو بطاقة لقاح كورونا. لست بصدد إنتقاد الإجراء الذي أقدمت عليه وزارة الصحة, فلقد تكون على حق طالما يتخوف الناس من اللقاح. لست أريد تشتيت الفكرة بما لهذا الإجراء أو عليه بقدر ما أريد الإشارة الى تعدد المستمسكات التي يتعين على أي مواطن عراقي إبرازها هنا أو هناك لكي يثبت إنه عراقي. بعد التغيير عام 2003 سقط النظام والدولة معا. وما أن أفقنا من هول المفاجأة حتى تجزأت الهوية التي يفترض إنها وطنية الى شكلين من العراقيين (عراقيو الداخل, عراقيو الخارج), وقد تناولت تلك الإشكالية في مقال سابق هنا في "الصباح".
وما أن تبين الخيط الأبيض من الخيط الوردي حتى تجزأ عراقيو الداخل وعراقيو الخارج الى مع أوضد. وبينما إحتدم الجدل والنقاش على المستوى الفكري والسياسي حتى تجزأوا طبقا لمجموعة من الهويات الفرعية (القومية والدين والمذهب والطائفة والعشيرة). تقريبا إختفى بعد سنوات هذا التقسيم الذي يفترض إنه كان جائرا. لكن ما الذي جعل هذا التقسيم يختفي؟ الإجابة بحد ذاتها مصيبة "كشرة". فالعراقيون بداخلهم وخارجهم إتفقوا على سلسلة من التقسيمات الأكثر خطورة على حياة ومستقبل أي شعب أو أمة.
فنحن اليوم مختلفون على النشيد الوطني.. لماذا؟ بسبب فقدان هوية المواطنة. ولنفس السبب نختلف على العلم وعلى العيد الوطني. عند هذا الإختلاف عاد كل العراقيين بمختلف هوياتهم التي يفترض أن تكون فرعية الى الإختباء خلف تلك الهويات. بمعنى أكثر وضوحا صار عراقي الخارج أكثر قربا من عراقي الداخل على حساب القوميات الأخرى نزولا عند باقي الإنتماءات. الجامع الوحيد المتبقي لنا هو سلسلة المستمسكات التي يتعين علينا إثبات هويتنا الوطنية عند إبرازها في الحواجز والسيطرات والدوائر والمطارات والمنافذ الحدودية. ورثنا المستمسكات الأربع من حقبة ماقبل 2003, ثم أضيفت لها مستمسكات أخرى كان آخرها بطاقة اللقاح التي التي يتعين إبرازها بدء من المول والمطعم الى المطار.
قبل هذا المستمسك الجديد الذي أضيف الى الأربع الخالدات (الجنسية وشهادة الجنسية أو"الموحدة" وبطاقة السكن والبطاقةالتموينة) هي بطاقة التحديث البايومتري. من يتعين علينا لومه جراء هذا التشتت الهوياتي .. الدولة أم المواطن أم .. سلمان المنكوب؟
https://telegram.me/buratha