المقالات

قصة قصيره من سفر الجهاد ..البداية !!!


 

حسن كريم الراصد ||

 

 كان اقرب الناس الى نفسه . كان رفيق الدرب والجهاد وسلواه في غربته الطويلة ..

لا يمكن ان ترى احدهم منفرد بل هم مجتمعين دوما في الاكل والشرب والمنام وحتى ان رفاقهم في المعسكر يشتبهون باسمائهم فتارة يسمون احمد حسين وتارة يسمون حسين احمد .. كانوا يقضون الوقت في قراءة ما يقع بايديهم بنهم ومن ثم يتحاورون ليال في فحوى ما قرآه ..

وفي ليلة . جاء امر الحركة الى احد المواقع الساخنة في الاهوار .. رزموا امتعتهم وقطعوا الطريق الطويل ليلا حتى وصلوا الى حافات الهور وترجلوا ليستقلوا زوارق قتالية اعدت للواجب .. شاء القدر ان يفترقا كلُ في زورق ..

 فودعا بعضهما بدموع غزيرة وكانهم شعروا بأن لا تلاق .. فالواجب كان خطرا والمواجهة كانت وشيكة وفتح ممر مائي في سدة تمنع وصول المياه للقرى المطلة على الهور ليس بالامر الهين  .. سارت الزوارق مترنحة تحت جنح الليل البهيم تشق طريقها بين تشابك غابات القصب والبردي وتوغلت رويدا رويدا وصولا لمنطقة تقع تحت سيطرة العدو ..

 وصلت الزوارق الاربعة المحملة باربعة مجاهدين في كل زورق الى الهدف وبدأ العمل لنسف جزء من السدة الترابية لتحرير المياه وتم ذلك فعلا دون ان تماس مع العسكر الذين كانوا يتحاشون قدر الامكان الصدام مع المجاهدين وانطلقت المياه نحو الاراضي اليابسة لتجلب معها الطير والاسماك الى سكان القرى المحرومة التي كاد الجوع والجفاف ان يهلك اهلها فضلا عن مواشيها التي انتشرت وهي نافقة تملأ السدود . .

 لكن الطيران المعادي لم يكن يسمح بذلك فقد حامت المروحيات فوق السدة تبحث عن الزوارق التي اختبأت تحت طيات اغصان القصب والبردي منتظرة مغادرة المروحيات المكان ..لكن خيوط الفجر بدأت تزحف رويدا رويدا تضيء الهور وماهي الا لحظات حتى لملم الليل اذياله منسحبا امام اشعة الشمس رغم الغيوم المتفرقة في السماء ..

انتظرت المجموعة مغادرة المروحيات ويأسها من العثور على الزوارق دون جدوى ..

 وفجاة لاحظ احمد ان المروحيات لم تكن لتغادر وانها تنتظر انكشاف الظلام لتتمكن من العثور على الزوارق والانقضاض عليها .. نظر الى الزوارق الاخرى فعثر على حسين وقلق ان رأى زورق مجموعته ليس مختبأ كما يجب .. ارتفع قرص الشمس ليسلط اشعته على المكان وتمكنت احدى المروحيات العثور على ملامح الزورق الذي تستقله مجموعة رفيق روحه حسين .. كانت لحظات رهيبة .. فاحمد ينظر للمشهد من موقع امن وهو يرفع بصره للسماء ليرى المروحية وهي تحوم حول المكان من زاوية تأكد ان طاقمها يرى الزورق دون جهد وعناء ..

ثم يدير بصره نحو الزورق المكشوف وينظر لحسين ورفاقه ويوميء لهم ان اتركوا الزورق فانتم واهنون للعدو .. ولم تمر الا لحظات واذا بالمروحية تطلق صاروخا مر من فوق رأسه ليصيب الزورق الواهن وتتطاير اجساد طاقمه الاربعة محترقة بالهواء وتعود لتغوص في مياه الهور وتظل بقايا الزورق المحترق تبعث دخانا غطى المكان واتاح للزوارق المتبقية الفرار من قبضة المروحيات التي غادرت المكان ظنا منها ان ليس هنالك غير زورق واحد .. عادت الزوارق الى الارض واستقل افرادها السيارات وعادوا للمعسكر .  عاد احمد للمعسكر وحيدا وقد استشهد رفيق عمره وانيس غربته وقد مزق جسده النحيل صاروخ حوله الى قطع لحم تنبعث منها رائحة الشواء ..

 عاد احمد ليقضي اياما وشهورا حزينا متألما تقتله اللوعة ويمزقه فراق من يحب لم يقارق ناظريه مشهد مقتله ..

 لم يمض يوما دون ان يتذكر حسين بل كل لحظة وكل قطعة اثاث وكل شجرة وكل وجه يذكره بحبيبه ليعود الى غرفته يذرف الدموع ويحدث الشهيد وكأنه يراه حتى ظن رفاقه انه قد فقد عقله .. وفي ليلة قضاها احمد في البكاء واسترجاع الذكريات مع انيس نفسه تعب وغفا ونام ليرى في منامه حسين ماثلا امامه .. وبعد عناق وبكاء ودموع سأله حسين : احمد لماذا تستمر بالحزن والبكاء وانت تعلم اني شهيد ذهبت الى رب رحيم ؟؟

 الم نكن انا وانت ندعوا الله ونتضرع كل يوم ان يمنحنا الشهادة ؟ فاجاب احمد وهو يكفكف دموعه : انا ابكي لفراقك ولاني لم الحق بك وكذلك احزنني مشهد تمزق اشلاؤك وانا انظر اليك ..

 فاجاب حسين مبتسما : اما الاولى فأنك ستلحق بي فالباب لم يوصد بعد .. واما رؤيتي فاحب ان اقول لك : اني كنت انظر الى المروحية كما كنت تنظر لها وما ان انطلق الصاروخ من مكمنه حتى وجدت نفسي واقفا ورفاقي على السدة انظر له وهو يصيب الزورق .. نحن لم نكن في الزورق لحظتها كما انتم .. وكنت انظر اليك وانت تلطم وجهك وتبكي ومن ثم تابعت انا والشهداء زورقكم وهو يغادر امنا ..

واردف قائلا : الم نقرأ سوية قول امير المؤمنين : الف ضربة بالسيف ولا ميتة على الفراش ..؟؟

كيف نسيت ان الشهيد لا يشعر بحر الحديد وانه يقبض بقطنة من نور ؟؟ اختفى حسين واستيقظ احمد هلعا ومن ثم هدأت نفسه وعاد للنوم مطمئنا وقضى ما بقي له من سنين ينتظر السيف الذي يوصله للرفاق ولم ينل ذلك الا في معركة الموصل وبرصاصة قناص اردته فوجده رفاقه ملقى على ظهره شابكا اصابع يديه على صدره مبتسما  وكانه يقول : فزت ورب الكعبة 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك