إعـداد : محمد الجاسم
" تَعَلَّموا العربيَّةَ.. وعَلِّمُوها النـاسَ" ـ حديثٌ شريف
تزخرُ لغتُنا العربيةُ المعاصرة بكمٍّ هائلٍ من كلماتٍ دخيلةٍ أو مغلوطةٍ أو محـرَّفةٍ . وبمرورِ الزمنِ والتداولِ اليوميِّ على الألسنِ وفي الكتب الرسمية والمخاطبات العامة ووسائل الإعلام والصِّحافة والرسائل الجامعية ومنجزات المبدعين الأدبية ويافطات أسماء الدوائر والمحالّ التجارية وعيادات الأطباء وغيرها، قد تسللت إلى لغتنا خلسة، حتى أصبحت من فرط تناقلها واستخدامها شائعةً ومقبولةً لدى القارئ والسامع ، ورسخت في الأذهان وانطلت على المتداولين إلا لذوي التخصص، فأمست المقاصدُ ضائعة ، في خضمِّ الأغلاطِ الشائعة.
لذلك أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبة شهر رمضان المبارك من العام 1442ـ ثلاثين حلقة جديدة من سلسلة تصويباتٍ منتخبة، امتداداً لحلقات رمضان العام 1441، واستكمالاً لعمودي اللغوي الذي واظبت على تحريره زمناً في صحيفة (المصور العربي) التي أصدرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد أواسطَ ونهايةَ التسعينات من القرن العشرين تحت عنوان (إضاءةٌ في التراث).
(35)
ماذا تعني : (عربيّاً) في قوله تعالى:
" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون "يوسفَ 37
أَعْرَبَ بحجته ،أفصح بها، قال الشاعر البرعي :
" و منْ شرفِ الأعرابِ أنَّ محمداً ... أتى عربيَّ الأصلِ منْ عربٍ فُصْحِ " " فقد قرن الشاعر أصل القوم بفصاحتهم.
الإعراب : الإِبانَةُ والإِفْصاحُ (عن الشيءِ).
سُمِّيَ العُرْبُ عُرْباً لفصاحة لسانهم..وهم سكان الحواضر دون البوادي..
والإعراب : الإبانة والإفصاح عن الشيء.
أعرب عن رأيه : أفصح عنه،وأشاعه.
أعرب عن نيته : أبان عنها وكشفها.
أعرب الكلمة والجملة: أزال اللبس النحوي عنها.
يقال : أعرب فلان في كلامه..أي كان كلامُه بيّناً وفصيحاً.
وقوله: " عُرُبَاً أتْرَابَا " الواقعة37..العُرُبُ جمعُ عَروب،وهي المرأة المتحنِّنة إلى زوجها ، التي تُرَغِّبُهُ في نفسها، تسمى (العَروب)لأنها تكون له بيَّنَةً باديةً غيرمحتجبة ، ومنه قول لبيد:
" وفـي الْحُـدُوجِ عَـرُوبٌ غيرُ فاحِشَةٍ ... رَيَّـا الـرَّوَادِفِ يَعْشَـى دوَنها البَصَرُ "
وبعد هذه المقدمة (العرباء) الواضحة،يكون تفسير (قرآناًعربيّاً) في الآية الكريمة، أي انه بيّناً واضحاً دامغ الحجة.. مبيِّناً لكل ما يحتاجه الناس من الحقائق النافعة،وبكل هذا الإيضاح والتبيين " لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " أي: لتعقلوا حدوده وأصوله وفروعه، وأوامره ونواهيه.وليس لأن الكتاب المجيد نزل بلغة العرب...
ـ يا أبتي..أم..يا أبتِ ؟!
يخاطبُ أحدنا أباه بعبارة: " يا أبتي"،ظنّاً منه أن الياء في نهاية المفردة،ياءُ التملُّك ،وهذا غلط،والصواب القول: ( يا أبتِ ) ، لأننا حذفنا الياء من ( يا أبي ) وعوضنا عنها بالتاء، فهل يُجمعُ بين العِوَض والمُعوَّضِ عنه..؟..قطعاً لايجوز،قال تعالى :
" يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا " مريم 44. ويُقالُ في نداء الأمِّ والأبِ: يا أمّهْ ويا أبَهْ ! موقوفاً عليهما بهاء السكت. ويقالُ أيضاً تودداً واحتراماً: يا أبتِ ! ويا أمّتِ ! بكسر التاء في الكلمتين، ويا أبتَ ! ويا أبتاهْ !، ويقال في نداء الأب أيضا: يا أبتا .
ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..
https://telegram.me/buratha