عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
مازالت مفردة "الخصخصة" تستفز الكثيرين، نتيجة تجذر فكرة، ان الدولة "الحكومة"، هي المالك الوحيد لكل شئ، وهي المسؤولة عن كل شئ، وإن آلت ملكية الاصول والشركات والخدمات الى غيرها، فإن كارثة ستحل بالمجتمع، فينتشر الفقر وتعم البطالة، وتضمحل الحياة، ومثل هذا التراكم، جاء نتيجة السياسات الاقتصادية على مدى اكثر من ستة عقود، استحكمت خلالها نظرية الاقتصاد الاشتراكي، واصبحت الدولة "الحكومة" مسؤولة عن كل شيء، فهي التي تصنع وهي التي تزرع، وهي التي تستورد وهي التي توظف، وهي التي تعطي، وهي التي تمنع، لذلك صار الناس يتخوفون من اي فكرة، تتحدث عن امكانية ان تتحول مصادر ديمومة الحياة، من الحكومة الى جهة اخرى، حتى بعد ان تحولت الهوية الاقتصادية من الاشتراكية الى الليبرالية،عقب تغيير ٢٠٠٣..
ان استحكام النظرية الاشتراكية ادت الى نشوء عشرات الشركات والمصانع الحكومية العملاقة، التي يعمل فيها آلاف العمال، واصبحت اغلب الوزارات لديها شركات عامة باختصاص معين، وكانت هذه الشركات تمارس مهامها، من دون الخضوع لمبدأ المنافسة، لذلك لم يكن احد يعلم، فيما اذا كانت تحقق ارباحا، وقيمة مضافة للاقتصاد، ام لا، فهي ممولة من المال العام، والعاملون فيها يتقاضون رواتبهم على "داير مليم" بصرف النظر فيما اذا كانت لديها ارباح ام انها من الخاسرين..
ولكن، بعد عام ٢٠٠٣، صارت الصورة اكثر وضوحا، فقد بدا واضحا ان تلك الشركات كانت تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الاقتصاد، فمنذ نحو ١٧ عاما، كانت الحكومة تقترض لتوفير الرواتب الضخمة للعاملين فيها، وبعض من تلك الشركات، لجأت الى اساليب اخرى، لكي تبدو انها منتجة ورابحة، من خلال قيامها بشراء المنتجات او الصناعات من الاسواق المحلية، واعادة بيعها الى مؤسسات الدولة الاخرى!..
المشكلة عندما يجري الحديث عن خصخصة مثل هذه الشركات، او تصفيتها، فان عاصفة من الاعتراضات تواجه اي جهة تطرح فكرة البيع او المشاركة او المساهمة في هذه الشركات، من دون ان يعلم المعترضون، ان البلدان التي كانت معقل النظرية الاشتراكية، قد لجأت الى خصخصة شركاتها.
وعلى هذا الاساس، اقول اننا اذا اردنا لهذه الشركات ان تمثل قيمة مضافة للاقتصاد، فعلينا خصخصتها، وان اردنا ان يكون لدينا قطاع خاص حقيقي، فعلينا خصخصتها، وان اردنا لصناعتنا ان تنهض، فعلينا خصخصتها، والخصخصة هنا تأخذ اساليب متعددة، ويمكن للحكومة ان تختار الاسلوب المناسب، فأما ان تكون من خلال البيع المباشر للقطاع الخاص، او عرضها كأسهم في سوق الاوراق المالية، او اعلان بيعها للعاملين فيها، ليصبحوا شركاء ومساهمين، وبهذا نضمن رواتبهم، واستمرارهم بالعمل في الشركة كمالكين لها، وهنا سيكون تعاطيهم مع العمل مختلف تماما
https://telegram.me/buratha