محمد علي السلطاني ||
تعتبر المصالح الوطنية العليا ،البوصلة التي تتوجة من خلالها السياسية الخارجية للدول الحرة ذات الاستقلال والسيادة الكاملة، فعلى ضوء تلك المصالح ترسم السياسات، وتحدد الاهداف، وتقدم الاولويات بما يعزز تحقيق تلكم المصالح، بشرط ان لاتتعارض مع المبادئ والقيم العليا للدولة، لذلك ترى الدبلوماسية الخارجية للدول، تسعى جاهدة ليل نهار وهي تمد شبكة علاقاتها لتكتشف الثغرات التي تستفيد منها لتحقيق تلك المصالح وفق رؤى وستراتيجيات معدة سلفأ ، وتعتبر حركة الدول في تحقيق مصالحها احد اهم تجليات سيادتها واستقلالها .
من هذا المنطلق ،سعت حكومة عبد المهدي ،لربط العراق بمنظومة طريق الحرير العالمية التي يشكل العراق قلب تلك المنظومة، وفق رؤية تهدف لتعزيز المصلحة الوطنية للبلاد ،بعيدأ عن الاملاءات والارادات الخارجية ، اذ يعد طريق الحربر البوابة التي ينطلق منها العراق نحو مستقبل زاهر ، فهو المشروع الذي من شأنه ان ينقل البلاد نقلة تاريخية فريدة من نوعها ، تساهم بشكل حقيقي، بحل كافة المشاكل والازمات والاختناقات التي خلفتها سنين الحروب والاحتلال ، ومن خلال ذلك المشروع يسعى العراق لأخذ دورة الريادي المرموق ، بمايتناسب ومكانته في القطب الاقتصادي العالمي الجديد .
ذلك مما استفز واثار حفيظة الامريكان والغرب ،الذين لا زالو يقبضون على مفاصل القرار الستراتيجي في البلاد ويفرضون ارادتهم علية بالقوة ،خشية ان يفلت الأخير من مخالب قبضتهم ، فكان ما جرى من احداث ادت في نهاية المطاف الى استقالة حكومة عبد المهدي المتبنية لطريق الحرير .
لتقدم بعد ذلك حكومة الكاظمي مشروعها البديل، طريق الشام الجديد !! ذلك المشروع الذي تتلاشى فيه المصلحة الوطنية، بل تتحقق فيه مصالح الاخرين هي على حساب مصلحة البلاد ، كما وتتمظهر فيه تدخل الارادة الخارجية الامريكية وضغوطها بشكل كبير ، سيما وان كلمة الفصل الاخيرة في رسم ستراتيجية السياسية الخارجية لبلدان المشروع الثلاث ( العراق ، الاردن ، مصر ) ، خاضعة للارادة والضغوط الامريكية بشكل كبير .
ان مشروع طريق الشام الجديد، الذي يعد طريقأ غير مباشر للتطبيع مع الكيان الغاصب ، يقوم على اساس التبادل الاقتصادي الذي يعتمد على الكتلة البشرية المصرية ، والكتلة النفطية العراقية ، مع منطقة وصل بين الكتلتين متمثلة بالاردن ، الذي يستفيد من الحركة الاقتصادية المزعومة بين الكتلتين .
ان نظرة بسيطة خاطفة على واقع بلدان الطريق، تبين لنا فشل هذا المشروع الذريع ، الذي يعتبر فيه العراق اكبر الخاسرين ، اذ تعاني مصر من مشاكل اقتصادية معقدة ومتجذرة ، سيما وان سياستها الاقتصادية تخضع الى حزم من الضوابط والتعليمات التي يفرضها صندوق النقد الدولي ، الذي تقف مصر عاجزة عن تسديد مابذمتها من ديون تجاهه ، كما ان لتفشي البطالة، وانخفاض قيمة الجنية المصري ،وغياب السلع الاساسية ، وزيادة الضرائب على المواطنين ، وضعف الاستثمار الخارجي ، تعد من ابرز المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري، بالنتيجة يعد اي مشروع شراكة اقتصادية مع بلد مثل مصر ،مشروع خاسر ،ومضيعة للوقت والجهد والمال، وخسارة حتمية للاقتصاد العراقي ، سيما وان المشروع يعمد الى مد انبوب ناقل للنفط من البصرة عبر الاردن الى العقبة وبسعر مدعوم تبلغ قيمته 16 دولار للبرميل الواحد للبلدين ( مصر والاردن) !!
اما الاردن هو الاخر يعاني من مشاكل اقتصادية دائمة لاتقل حدة عن ما تعانيه مصر ، حيث يعد الاردن من البلدان القليلة الموارد ، والقائمة على المعونات والمساعدات الخارجية .
اذن كيف لبلد مثل العراق يعاني من مشاكل وتراجع كبير في البنى التحتية ، ان يعقد صفقات ومشاريع تنموية مع بلدان تشهد تخلفأ وتراجعأ في جميع قطاعاتها، وهي بأمس الحاجة الى من يمد لها يد العون والمساعدة !! بالتالي لانجد لتلك المشاريع تبريرأ منطقيأ مقنعأ ،سوى وجود ارادة خارجية تعمل على تحقيق مشاريع تصب في النهاية في مستنقع التطبيع ، لتبقي العراق عالقة في وحل التراجع والفساد ، ظننأ من القائمين والداعمين لتلك المشاريع، انها ستخلق من العراق، بؤرة جديدة للتأمر على دول الجوار، عزفأ على ايقونة البوابة الشرقية المشؤوم ،ذلك الذي اصبح اضغاث أحلام ذهبت في مهب الريح .
https://telegram.me/buratha