حافظ آل بشارة ||
تم اعلان التحالفات العراقية للانتخابات المقبلة ، انهم يكررون اللعبة نفسها بالوجوه نفسها ، وفوق ذلك فان اضرام الحرائق في البلد اهدافه انتخابية ، هجمات داعش الجديدة اهدافها انتخابية ، رد القوات الامنية عليها اهدافها انتخابية ، قتلى داعش والقوات الامنية يأخذون راتبا من مؤسسة الشهداء سوية لاهداف انتخابية .
في الدورة المقبلة الفساد باق ويتمدد والفشل باق والارهاب باق ، وقد تجري تصفية الاقلية السياسية الشريفة وتعلن الوحدة الاندماجية بين كبار الفاسدين.
في كل احزاب العالم ، ابرارا كانوا ام فجارا يقسم الساسة اصحاب الطموح الى ثلاثة انواع عالمية :
- المستفيد الذي يريد الحفاظ على مكاسبه وامتيازاته او زيادتها.
- المتضرر الذي يشعر بالمظلومية ويريد ان ينال نصيبه ويقضي ما فاته.
- الساعي الموعود بالمكاسب الذي يريد ان يصل الى بغيته راضيا مرضيا .
فالمستفيد عندما يريد ان يدافع عن مكاسبه لا يأخذ منحى شخصيا ، بل يوسع القضية ويخرجها من دائرة الشخصنة الى دائرة المبادئ والقيم العليا ، ويقنع بها حتى نفسه، وهي عملية تشبه عملية غسيل الأموال ، هنا يمكن تسميتها بعملية غسيل المواقف ، واعادة شرعنتها باخراجها من الخاص الى العام ، وبعض اصحاب المكاسب لديهم نزعة تكفيرية ، فهم يحذرون كل من يريد سلبهم مكاسبهم من دخول نار جهنم بتهمة نصب العداوة للمخلصين ، وفي النهاية يؤطر صاحب القضية دفاعه بما يحفظ من آيات واحاديث .
أما الذي يرى نفسه مظلوما ويقرر ان يشكو مظلوميته ، فانه يمارس هو الآخر عملية اعلاء وتسام في مطالبه ، فهو في اعماق عقله الباطن ملتاع معذب لأنه لم يحصل على منصب واموال ورتل حماية تغلق له الشوارع ويصفع لأجله باعة البسطيات المعرقلين لمروره بكل فخر واعتزاز ، هو لا يستطيع ان يقول الحقيقة بصراحة لذلك يخرج شكواه من الخاص الى العام ، ومن النسبي الى المطلق ويصبح في لحظة ناطقا كونيا باسم كل المظلومين ، ويكون في النهاية تكفيريا لأنه يعد كل المشاركين في مظلوميته نفطا لجهنم انها عملية غسيل مواقف ، وفي النهاية يؤطر شكواه بالآيات والاحاديث .
هذان الفريقان يتبادلان الأماكن في مسيرة السلطة وتقلباتها، فالرابح اليوم خاسر غدا ، والخاسر اليوم رابح غدا ، يتبادلان الخطاب والملفات وفن غسيل المواقف وتكفير الآخر.
أما الموعود بمكسب فيتصرف كواحد من المبشرين ، ويؤمل النفس ويعد القادم لطفا يمن به الله على خاصة اولياءه ، فيسلك طريقا ثالثا بين الطريقين ، فهو من جهة يلوم المدافعين عن مكاسبهم ولا يستطيع ان يقسو عليهم لأنهم احباب الله وانه غدا سيكون مثلهم ، اما المظلومون فهو منهم في سابق الأيام ، وقد ذاق مرارتهم ، فيقتضي الموقف ان يتحول الى واعظ ، وعنصر تهدئة يقوم بتذكير الفريقين بمكارم الاخلاق وترك حب الترؤس (ملعون من ترأس) ، ويؤطر خطابه بالآيات والاحاديث والسيرة والتأريخ .
وخير هؤلاء الثلاثة من نفع الناس ، والحقيقة ان الله ارحم بعباده من اباءهم وامهاتهم ، فالرابح والخاسر وما بينهما في السلطة يرحمهم الله اذا ساعدوا الفقراء وانصفوا المظلومين واحتضنوا الضعفاء وفرجوا كربة عن مكروب .
الحمد لله الذي رزقنا الآيات والاحاديث التي يستثمرها الرابح في حفظ ارباحه ويستخدمها المظلوم لتأطير شكواه ، ويستخدمها المبشرون في وعظ الفريقين .
اما الذي ينقد احوال الثلاثة كالمعلق الرياضي فقد يكون الثلاثة اشرف منه ، وقد يكون من اصحاب الآية : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) لطفك اللهم.
https://telegram.me/buratha