منهل عبد الأمير المرشدي ||
لم نعد نأمل خيرا او نتأمل في الكتل السياسية العراقية شيئا ما يدل على توبة وصحوة وصلاح وإعتراف بالخطأ والخطيئة والذنب والجريمة التي ارتكبوها ولا زالوا بحق الشعب العراقي ومقدّراته وأمواله ومستقبل أبنائه .
لم نعد نرجو او نترجي أو نرتجي منهم خيرا ولا خير فيهم من كبيرهم الى الصغير فيهم بمختلف المسميات والهويات والألقاب والمذاهب .
لكننا سمعنا مذ كنا صغارا بيت شعر عربي بليغ ومؤثر للشاعر الخالد ابو القاسم الشابي يقول ( إذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ... ولابد للليل ان ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ) .
اليس نحن ذلك الشعب الذي كان ولا زال متشبثا بالحياة بعزة وكرامة مدافعا عنها بفخر وكبرياء منذ ثورة العشرين قبل مائة عام ومن ثم في مواجهة الطاغوت هدام في الإنتفاضة الشعبانية وفي المقاومة البطولية لتواجد المحتل الأمريكي .
السنا نحن الشعب الذي لبّى نداء فتوى المرجعية العليا فكان حشدا مقدسا سطرّ ملاحم الإعجاز ودحر مع القوات المسلحة عصابات داعش ومن ورائها .
فماذا جرى ويادهر ويحك مابدا مما عدا .
أما يكفينا عبادة الأصنام ومطاوعة الطغاة والفاسدين . أما يكفينا رقصا وتصفيقا وتمجيدا لمافيات الحرمنة والعملاء والمأجورين .
اي عبودية هذي التي تؤطر عقولنا وأي سطوة هذي التي قيّدت حياتنا .
اي ذل وخنوع نرتضية ونحن الذين نصرخ في كل عاشوراء الحسين (ع) هيهات منّا الذلة .
أين نحن من الحسين عليه السلام .
لست ادري ان كان ما استشهد به من حكاية متوافقا مع البعض منّا وكم هم اولئك البعض ومتى يقتنعوا إن من عقد الرباط في اعناقهم هو أولى بالرباط منهم . وحكايتي تقول إن فلاحا ذهب لجاره يطلب منه حبلاً لكي يربط حماره أمام البيت .
فأجابه الجار بأنه لا يملك حبلاً ولكن أعطاه نصيحة وقال له يمكنك أن تقوم بنفس حركات ربط الحبل حول عنق الحمار وتظاهر بأنك تربطه بالفعل وما عليك إلا ان تطمأن فإنه سوف لن يبرح مكانه .
عمل الفلّاح بنصيحة الجار رغم عدم اقتناعه بها وقام بمشهد تمثيلي امام الحمار على انه يربط الحبل حول عنقه وفي صباح اليوم الثاني وجد الفلاح حماره في مكانه تماماً. .
ربَّت الفلاح على حماره وأراد أن يأخذه للذهاب به للحقل ولكن الحمار رفض التزحزح من مكانه ! حاول الرجل بكل قوته أن يحرك الحمار ولكن دون جدوى فقد ثبت ابو صابر في مكانه صافنا صفنته الأزلية حتى أصاب الفلّاح اليأس من تحرك الحمار.
فعاد لجاره الذي نصحه ليخبره ويطلب منه الحل .
فسأله هل تظاهرت للحمار بأنك تحل رباطه ؟
فرد عليه الفلاح بـإستغراب , ولكن ليس هناك رباط. أجابه جاره : هذا بالنسبة إليك أما بالنسبة إلى الحمار فالحبل موجود.
عاد الرجل وتظاهر بأنه يفك الحبل فتحرك الحمار مع الفلاح بأريحية وصفنة وهدوء دون أدنى مقاومة !
أخيرا وليس آخرا اقول إن البعض صاروا أسرى لقناعات وهمية تقيدّهم وضلالات تستعبدهم لأصنامهم وما عليهم إلا أن يكتشفوا الحبل الخفي الذي يلتف حول (عقولهم) ويمنعهم من الإنعتاق والتحرر وكسر القيود .
نعم فإننا كما قال الشاعر ..
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا .. وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ .. وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ .. وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا .
https://telegram.me/buratha