محمد هاشم الحجامي ||
في البر الواقع بين الناصرية والبصرة كنا في سفرة وصادفنا بدوي كان بيته قريب من المكان الذي نزلنا فيه ، عمره تجاوز السبعين عاما ، وكان الحديث معه عن الصحراء وسبل العيش فيها وهذه الموضوعات التي نحب الاطلاع عليها من أهلها والمتعايشين معها ، وبعدها تطرق هو للسياسية وخاطبنا قائلا :- إن التغيير في العراق نعمة من الله ؛ فهو تعالى أنعم عليكم وخلصكم من حكم صدام الطاغوتي و أنكم اليوم افضل حالا من السابق وكيف إني كنت اشاهد المضايقات على أهاليكم في الجنوب من كل حدب وصوب فضابط بسيط وحتى مفوض أمن كان يجر ويسجن وحتى يقتل أكبر شخصية شيعية ولا يرتجف له جفن و كان يحتقر الشيعي وهو يعمل فلاحا في مناطق الغربية والتجنيد والحروب والحصار والخراب الذي حل بكل شيء في العراق والقتل والمقابر الجماعية والاعتداء على الحرمات وهو يتحدث ونحن نستمع وكنت مندهشا من طريقة تفكيره ، ثم التفت إلي قائلا إن ضاعت منكم هذه الفرصة وفقدتم السلطة لن تقوم لكم ايها الشيعة قائمة بعد اليوم ، أمسكوا عليها وحافظوا وإياكم أن تنظروا للأمور البسيطة وتضيعون النصر الأعظم والغنيمة الكبرى التي منحكم الله إياها ، فهي فرصة وهبةٌ وهبتها لكم السماء ولن تعوض بأخرى إن فقدتموها ابداً .
كنت مندهشا من طريقة تفكيره التي تفوق طريقة تفكير الكثيرين ممن جعلوا مصادر عملهم الارتزاق على فضلات البعثيين في فضائياتهم !! أو المؤسسات المشبوهة التي تدار من الانفصاليين !!!! أو ألمؤسسات الطائفية التي تملئ العراق عرضا وطولا وغيرها الكثير من دكاكين تجمع حولها المتسولين فكريا والمتدنين سلوكيا !! ؛ فتحولوا من خلالها إلى معاول هدم لتخريب كل ما يمت بصلة إلى ثقافة أهلهم وأرثهم في الجنوب مقابل حفنة من مال ونزوة عابرة وشهرة كاذبة ووطنية مزيفة يعلوها ثوب الدونية .
الشهادات الجامعية كثير ما كانت وباء ووبالا على أصحابها أو على المجتمع ، فكم من جاهل يعتقد المعرفة ويتحذلق و يشمخر في كلامه ولا يدري بنفسه بأنه جاهل مركب كما يسميه أهل المنطق ، فلا هو يعرف شيئا ولا يسمح له جهله وكبريائه أن يستمع إلى الآخرين فألقابه العلمية التي جميعها أولنقل في غالبها اخذها بالمال وربما العلاقات المشبوهة !!! تقف حاجزا بينه وبين المعرفة .
فهذا البدوي افضل من عشرات الآلاف من الذين لا يميزون ولا يستوعبون الأمور والذين أغلبهم قتلهم الحسد فهم لا مشكلة لديهم أن يحكمهم اي فرد ومن أي طائفة ومهما كان إجرامه ومستواه وإن لم يحقق شيئا بل حتى وإن سلبهم أرضهم وبيوتهم وحريتهم وكرامتهم وحتى إن حولهم إلى عبيد ؛ فكل هذا لا يهم عندهم ما لم يكن من طائفتهم وأهلهم !!!!! .
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha