منهل عبد الأمير المرشدي ||
في أربعينيات القرن الماضي اعترض مواطن بريطاني أعزل موكب رئيس الوزراء الأشهر ونستون تشرشل وصرخ في وجهه هاتفا أنت غبي وأحمق أيها الرئيس فأعتقلته السلطة فورا وأودعته السجن ولأن الحاكم في بريطانيا الديمقراطية من الرأس الى القدم ليس فعال بالمطلق لكل ما يريد إستدعى البرلمان تشرشل في جلسة مسائلة عاجلة وخاطبه أحد النواب الغاضبين هل يجوز يا ونستون أن تعتقل الشرطة مواطنا لمجرد إنه وصفك بالغبي الأحمق .؟ أجاب تشرشل كلا والشرطة لم تعتقله لإنه شتمني بل لإنه أفشى سرا من أسرار الدولة . ضجت القاعة بالضحك والتصفيق للرئيس المحنك والسياسي الداهية الذ ي كسب الجولة بسخريته الذكية . ما وجدته مدعاة للسخرية ودعوة للضحك في هذه الحكاية اجده واقعا في العراق مع قياس المقلوب بمعدل 180 درجة .
لقد أعترف تشرشل بشيء من واقعية الحال في طرافة إسلوبه في البرلمان البريطاني ليتخلص من الإحراج (الديمقراطي) . أما في العراق فلا حرج من كل شيء ولا إحراج ولا هم يحزنون .
فلا المواطن يكذب حين يشتم الحكومة والبرلمان والعملية السياسية بطولها وعرضها ورؤوسها واذرعها وعاليها وسافلها بإنهم لصوص وحرامية ولا الحكومة ولا النواب ولا رؤساء الكتل يحرجون فلا حرج على ذاك ولا حرج على هؤلاء .
حين يصف المواطن رئيس الحكومة بالغبي أو الأحمق فلا هو يكذب ولا السيد الرئيس (حفظه الله) يكون في حرج كون المواطن تحدث من باب اليقين فيما يتقبلها الرئيس من باب القناعة مع الأريحية الديمقراطية .
حين يصرخ المواطن العراقي بوجه أي رئيس من الرئاسات بإنكم حمقى وأغبياء فلا المواطن سيكون في حرج لإنه كان صادقا متيقنا فيما قال ولا الرئاسات سيكونون في حرج لإنهم يعلمون إنه صادق فيما ذكرهم فيه والشعب يعلم والدول الأقليمية تعلم والعالم أجمع يعلم بذلك ايضا .
لو صرخ المواطن العراقي بوجه أي من اولئك الذين ذكرتهم الموجودين في الرئاسات والبرلمان والحكومة وأشباه الساسة إنكم جبناء فلم يكن المواطن كاذبا ولن يكونوا هم في حرج لإنه لا يحتاج البحث عن أدلة على ذلك فالدليل مثلا ما قامت وتقوم به تركيا في شمال العراق واستعراض وزير دفاعها .
والدليل على ذلك ما قام ويقوم به البره زاني من نهب لثروات العراق ومنافذه وأراضية . والدليل على ذلك ما قامت وتقوم به الكويت في منفذ العراق البحري وخور الزبير وميناء الفاو . والدليل على ذلك ما عاث ويعيث ازلام البعث الهدام في العراق وما وصلوا اليه من مناصب ومواقع في الدولة العراقية .
والدليل على ذلك ما ملأتم مسامعنا من لجان شكلتموها للتحقيق في دماء ابناء الشهداء المغدورين في مجزرة سبايكر ونحن وانتم نعرف القتلة والمجرمين بعشائرها وأفخاذها وعديدها ليضيع الدم حيثما ضاع الولي .
والدليل على ذلك الصمت والتغليس والتدليس عن تنفيذ احكام الإعدام بحق المجرمين الدواعش القابعين في ضيافة خمس نجوم بسجن الحوت .
والدليل على ذلك هذا الجهل الغبي والتجاهل الأحمق لكواكب العراق وقادة النصر الشهداء الأبطال الذين حفظوا الأرض والعرض وحرروا العراق من دنس الدواعش الأنجاس وانتم تراوغون وتكذبون لأجل بقاء قوات الإحتلال الأمريكي لتحميكم ليس إلا .
نعم كان ونستون تشرشل طريفا ساخرا لكن حكومتنا تعلم ان الشعب صادق فيما يقول لكن الحكومة لا ولم ولن تكون في حرج.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha