الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||
توافرت الادلة على قدسية النص القرآني , واحتفاء المسلمين في مختلف العصور بقراءته وتكريم قُرَّاءه الذين يبلغون رسالة السماء بحناجرهم التي تصدح بتلك الآيات البيِّنات والتي جرت على لسان النبيِّ صلى الله عليه وآله, ولسان وصيه أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك ألسنة خيرة الصحابة والتابعين الذين اتبعوا المنهج الاسلامي الصحيح الذي لطالما أكد عليه صلى الله عليه وآله واستشهد من أجله المؤمنون والصالحون من عباد الله تعالى في مختلف أرجاء المعمورة وفي كل العصور المتوالية؛ ليصل الدين وتصل الرسالة إلينا فنتحمل دورنا وتكليفنا في أداء الامانة بالحفاظ على مكانة القرآن وكرامة أهله الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله أنهم أهل القرآن وخاصته.
إن المشهد العراقي اليوم بات غريبا عن كل الفترات السابقة, فبعد أن كان العراق موضعا للفخر والاعتزاز بأنه بلد القراء والاقراء, فأغلب قراء الروايات السبعة والعشرة فضلا عن قراءة حفص عن عاصم من العراق الذي كان متنفسا علميا لكل الوافدين إليه لينهلوا من علوم الاسلام العظيم وقراءة القرآن الكريم؛ وأما اليوم فحاضرة العراق وبهذه القيادة التي تدَّعي الاصلاح أصبح حاجبا ومانعاً؛ بل ومعاقبا لمن يقرأ القرآن الكريم, أو يتفوق في ذلك كالذي حصل من تمادي وزارة الداخلية متمثلة بالمدعو (أبو رغيف) في احتجاز العميد أبا الفضل الجعفري الذي عٌرف عنه أنه كان ولا يزال أحد رموز الحركة القرآنية المعاصرة في العراق الجديد, وتشهد الساحة القرآنية على عطاءه منذ أن كان قارئاً وأستاذا ومحكماً في مختلف المسابقات الوطنية يتنقل بين المؤسسات ممثلا عن المؤسسة العسكرية العراقية التي ينبغي أن تفتخر به وبكل القرآنيين في المؤسسة العسكرية العراقية.
أن ما تعرض له العميد كاوه الطالباني من المحاسبة والحجز يعكس الواقع الفاسد والهزيل الذي تعيشه القيادات العسكرية التي أمرت بمعاقبة السيد العميد بعد أن تشرف بقراءة القرآن الكريم على منصة الختمات القرآنية الرمضانية في العتبات المقدسة, وهذا الاجراء يخالف ثقافة الاسلام والمسلمين؛ فالدول الاسلامية الحقيقية تفتخر بكل المؤسسات التي فيها أهل القرآن وخدمته, بل أن من الدول الاسلامية من يذهب إلى الاهتمام بالطاقات العسكرية القرآنية وتقيم مسابقات ومحافل خاصة بهم باعتبار تميزهم في الاختصاص القرآني الذي يمكن أن يحفظ هيبة من يحمله ويحسنه ويزيد من بهائه ومقامه.
أن الواقع العراقي الجديد الذي عدَّ قراءة القرآن بالزي العسكري جرماً بات مخيفا لأهل القرآن؛ بل مخيفاً لجميع المؤمنين في العراق, ولعل هذا الامر من المضايقة والتجاوز على أهل القرآن أعاد إلى أذهاننا تلك الحقبة المريرة من أيام البعثيين الذين أفسدوا البلاد والعباد وكانوا يمنعوننا حتى الجلسات القرآنية فضلا عن إقامة المحافل والدورات والمسابقات.
أن المتوقع من الحكومة العراقية إن تبادر إلى ردِّ الاعتبار بالنسبة إلى العميد أبا الفضل الجعفري, ومن خلاله ردُّ الاعتبار لجميع القرآنيين في الساحة القرآنية العراقية التي أثبتت تماسكها في مواجهة التحديات على الرغم من اختلاف مناهجها ومؤسساتها؛ لذلك ينبغي الاهتمام بهذه الشريحة المظلومة في بلدها القرآني؛ لأن العراق بلد القرآن وأهله, لا بلد الغناء الطرب كما تروج لذلك المؤسسات الحكومية العراقية؛ فالعراق يناسبه أن يكون في مقدمة الدول اهتماما بالواقع القرآني وينبغي على الجهات المعنية إن كانت فعلا اسلامية كوزارة الثقافة ومكتب رئيس الوزراء وغيرهم إقامة البرامج القرآنية الوطنية والدولية كالمسابقات العالمية القرآنية التي تفتخر بإقامتها الدول الاسلامية الحقيقية, وتجعل لمختلف صنوف المجتمع سهماً في هذا التشريف.
https://telegram.me/buratha