عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
اعجبني كثيرا مصطلح (التوظيف الانتخابي) الذي استخدمه رئيس مجلس الخدمة الاتحادي محمود التميمي، وهو يتحدث عن الاليات والمعايير الجديدة التي سيتم اعتمادها في تعيين الموظفين الجدد، والتي سيتولاها المجلس في المرحلة المقبلة، بعيدا عن اي تدخلات جانبية، انما سيكون المعيار هو الكفاءة والامكانية، لشاغلي الدرجات الوظيفية، وهذا المعيار من شأنه ان يخلق منافسة شريفة بين المتقدمين، ويمنح كل واحد منهم فرصة متكافئة للتنافس مع الاخرين للظفر بالوظيفة، على وفق ما يمتلكه من مؤهلات علمية ومهنية.
وليس بخاف على احد، ما شهده الجسد الوظيفي في العراق، من تداعيات خطيرة وكبيرة خلال العقد الاخير، جعلت منه متضخما لحد الترهل وغير قادر على اداء مهامه التي حددها القانون والدستور، واصبح العراق الاعلى نسبة في التوظيف والاعلى انفاقا، بين بلدان العالم، وهذا انتج تراجعا واضحا بمستوى الاداء، انعكس سلبا على واقع الخدمات المقدمة للمواطنين.
ولاشك ان هذا التضخم والتردي والترهل الحاصل في الجسد الوظيفي، جاء نتيجة غياب الرؤية العلمية في الاختيار، واستثمار الحاجة الى التعيين، سياسيا وانتخابيا في ظل عدم وجود قطاع خاص قادر على المنافسة، واستشرت الرشوة بنحو غير مسبوق، وكان هذا الامر هو الشغل الشاغل للشباب، وحديثهم الاول، ولجأت الكثير من الاسر الى بيع مقتنياتها او الاستدانة، من اجل توفير مبلغ الرشوة البالغ (...) ورقة، لكي يتمكنوا من تعيين ابنهم او ابنتهم، بصرف النظر عن مؤهلاته وامكاناته، وقد ادى هذا الاسلوب، الى دخول اعداد غير قليلة من المتعينين الجدد، الى الوظيفة، وهم لايحملون اي مؤهلات، ولكنهم يتسلمون رواتبهم عند نهاية الشهر، من دون ان يقدموا شيئا او ينتجوا عملا، مقابل وجود موظفين اخرين، تقع على عاتقهم اعباء مضاعفة، فيقوموا بانجاز جميع الاعمال، من دون اي امتيازات، انما حالهم حال من يشطب يومه ويمضي.
وقد يكون ابداء التفاؤل في ان تستعيد الوظيفة الحكومية، الياتها ومعاييرها المهنية، خلال سقف زمني محدد، امر سابق لاوانه، في ظل الواقع العراقي، الذي مازال يواجه الكثير من التحديات، ولكن ما يعطينا املا بحدوث هذا التغيير، هو وجود عامِليْن، الاول، تفعيل عمل مجلس الخدمة الاتحادي، الذي نعوّل عليه كثيرا في ان يتولى مهمة اختيار شاغلي الوظائف الحكومية، بناء على معايير علمية ومهنية، وهذا من شأنه ان يغلق الطريق، امام اي استغلال سياسي او انتخابي للوظيفة، كما انه سيغلق باب الرشوة ويقضي على الفساد، الذي استشرى كثيرا، والثاني، الشروع بانجاز الرقم الوظيفي لموظفي الدولة كافة، الذي سيكون كفيلا، بمعالجة الكثير من الثغرات التي يعاني منها الجسد الوظيفي.
https://telegram.me/buratha