إعـداد : محمد الجاسم ||
" تَعَلَّموا العربيَّةَ.. وعَلِّمُوها النـاسَ" ـ حديثٌ شريف
أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبةِ شهرِ رمضانَ المبارك من العام 1442ـ ثلاثين حلقةً جديدةً من سلسلة تصويباتٍ منتخبة، امتداداً لحلقات رمضانِ العام 1441، واستكمالاً لعمودي اللغوي الذي واظبت على تحريره زمناً في صحيفة (المصور العربي)، التي أصْدَرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد، أواسطَ ونهايةَ التسعينات من القرنِ العشرين، تحت عنوان:
(إضاءةٌ في التراث).
(58)
ـ الإفطارُ والإسحارُ..أفصح من الفُطُور.. والسُّحُور!!
لاشك أن ( فُطُور ) بضم الفاء، جمعُ ( فُطْر)،ولعله أحد النباتات البرية اللازهرية ، ومن فصيلته الكمأة. و( فُطور ) أيضاً جمع ( فَطْر ) بفتح الفاء، وهو الشقُّ في كل شيء. وثمة ( الفَطْر ) بفتح الفاء، مصدر الفعل ( فطَرَ يَفطُر ) ، فَطْرًا ، فهو فاطِر ، والمفعول مَفْطور، وهو مايدل على خلق جديد واختراع وإنشاء لأول مرة.. ومنه قوله تعالى :
" إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ " 79 الأنعام.
ولا يسعنا في هكذا عجالة أن نلمَّ بأطراف بساط معاني الفطر والفطور ، لكثرتها. لكن ما يعنينا هنا ، هو المعنى المختص بشهر رمضان المبارك، أو تناول الأكل والشرب لأول مرة بعد مدة إمساك وصوم. وفي هذا الموضع يكون الاسمُ ( الإفطار ) وليس (الفُطور) طلباً للفصاحة، وفعله الماضي الرباعي المزيد اللازم ( أفْطَرَ ) وفاعله (مُفْطِرٌ)، وليس له من جنسه مفعول.. قال الشاعر أبو العلاء المعرّي:
" أفْطِرْ وصُمْ، أو صُمْ وأفْطِرْ، خائفاً ... صومُ المنيّةِ ما لهُ إفطار "
أما ( السُّحُور ) ـ بضم السين ـ فهو جمع ( سَحَر ) أو ( سَحْر )، وهو الوقت الذي يسبق الصبح في النهار، والأكل في وقته (السَّحُور ) ـ بفتح السين ـ ، ومن الفصاحة القول أن فعله الماضي الرباعي المزيد اللازم ( أسْحَرَ ) لمن أكل ( السَّحُورَ ) ـ بفتح السين ـ في الأسحار، وتقال لمن سار في وقت السَّحَر، أو أقام في وقت السَّحَر، والفاعل منه (مُسْحِرٌ )، وليس من جنسه مفعول، أيضا.. قال تعالى:
" وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " 18الذاريات
ـ الرؤيا..والرؤية !
تَرِدُ (الرؤيا) كثيراً مكانَ (الرؤية) في التعبير عن النظر في حال اليقظة، وتكون بالعين، أو بالعقل، كقولهم : ( كانت رؤيتُكَ موفّقةً للموضوع )..ولايمكن القول : ( كانت رؤياكَ موفّقةً للموضوع ) لأنَّ (الرؤيا) هي نتاج النوم ، هذا هو المتعارف عليه منذ القدم، قال تعالى:
" قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ " 5 يوسف.
ولقد شذَّ عن هذه القاعدة استخدام (الرؤيا) في حال اليقظة على سبيل المجاز..كقول الشاعر المتنبي:
" مَضى اللَيلُ وَالفَضلُ الَّذي لَكَ لا يَمضي ... وَرُؤياكَ أَحلى في العُيونِ مِنَ الغُمضِ "
وربما يقصد الشاعر أن يمرّ عليه الحبيب في (الرؤيا) ، أي في المنام.
ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..
https://telegram.me/buratha