🖋️ محمد هاشم الحجامي ||
مجازر حزب البعث في العراق لا تستوعبها المجلدات ولا يصدقها الخيال ويعجز العقل عن تصديقها ، وهذه المجاز لم تحصل بسبب ذئاب أو سباع غابات إنما قام بها أناس بدوافع شتى بعضها طائفي وآخر سياسي وثالث سادي ورابع انسياقا مع العقل الجمعي الذي رسخته أجهزة صدام الدموية فاحترف بعضهم الجريمة وهكذا .
هؤلاء الضحايا بين مغيب في قبور جماعية وبين مقطع الأوصال وممزق الأشلاء ومشرد وغيرها من صور الألم ، تركوا خلفهم بنين وبنات وآباء وأمهات عاشوا فترة حكم الدكتاتور المجرم بحالة نفسية سيئة من سلب للأموال إلى منع من الدراسة إلى مضايقات هائلة حتى رصاصات الشهيد الذي يعدمه صدام تؤخذ من ذويه !!! ، وهم في الوقت عينه متهمون وإن لم يرتكبوا أي فعل يخالف القانون الذي هو أصلا قانون الغاب .
بعد سقوط نظام صدام ظن الناس أن هؤلاء تابوا فبعضهم سكن المساجد وآخرون بنو المواكب وغيرهم جلسوا قرب الخطيب الحسيني في صدر المجلس وآخرون انظمون إلى جماعات مسلحة كالقاعدة وغيرها والتي أنتجت فيما بعد ماسمي بدولة الخلافة التي يقودها البغدادي ؛ والحقيقة هؤلاء لم يتوب غالبهم ولم يندموا فهم ممثلون بارعون ويعرفون أن فئة واسعة من المجتمع لديها ذاكرة سمك تنسى الجرم الذي ارتكبه هؤلاء البعثيون وتحت عنوان المسامح كريم وعفا الله عما سلف ، اعيد تأهيلهم وأصبح بعضهم الآمر الناهي وبإرادة الناس التي تحب جلاديها وتحن لسياطهم التي إن رفعت بقوا خانعين تحتها فقد دجنهم الذل وجعلهم يعيشون العبودية ، وهذا ليس عاما وإنما لكل قاعدة شواذ واستثناءات .
ومن اليوم الأول لسقوط نظام صدام حاول البعثيون والعبيد الذي ادمنوا سياط الجلاد على التشكيك بألضحايا وأنهم عملاء تارة ومخربون أخرى وسيقت تهم كثيرة جاهزة كانوا يرددونها جهرا وعلانية .
وصل الحال اخيرا أن أبناء الجلادين بدأوا يأخذون الدور بعدما شاخ الآباء الجلادون واطلقوا اللحى ومسكوا المسبحة فصار هؤلاء الأبناء واجهات اجتماعية يتحدثون عن الظلم والحرية والعدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية !!! ؛ والتي كان العراقيون أيام تسلط الآباء مخيرون بين انتخاب صدام أو انتخاب صدام ، أما الموت فهو قدر لهم ينتظرون دورهم فيه .
وكأن سيناريو الطلقاء وبني هاشم يتكرر فمعاوية وأبيه من أوقفا نشر الإسلام لعقدين من الزمن صارا صحابيا جليلان وإن معاوية كاتب الوحي وخال المؤمنين وأمير المؤمنين وهكذا وهذا بنص مقدس وهو رضوان الله على الصحابة !!! فراده زنديق سبئي رافضي خبيث !!! .
ويبدو أن في عقل كثير من الجلادين وابنائهم أن يجعلوا صدام ممنوع الحديث عنه وهذه المرة لا تسعفهم النصوص القرآنية والأحاديث التي جعلت الخارجي معاوية قديسا ، إنما بالعمالة لمناوئية وبنص التشريع العراقي إن مسكوا حكم العراق وبعفى الله عما سلف وغيرها من أدوات اخفاء الجريمة وتلميع صورة المجرمين .
وهناك سؤال لماذا البعث مازال قويا كأفراد وفكر ؟؟
يبدو أن عوامل شتى جعلته رقما لا يمكن تجاوزه فهو فايروس نخر جسد العراق منذ ستينات القرن العشرين ومازال إلى ما شاء الله ، وأبرز العوامل التي إعادة تأهيل البعث هي :-
١- كثرة المنتمين له في العراق فأعدادهم مئات الألوف وحولهم أبناء وازواج بنات واصهار وهؤلاء يتأثرون بهم ويسيرون بفلكهم عشائريا وعائليا فيكون كلامهم مسموع لديهم .
٢- روح البطولة لدى العراقيين فمعروف في الثقافة الشعبية العامة هناك من يحب الشرس واللص فيسمون السارق (رجال زين ) اي افضل الرجال فيقدم لبطولاته والتي هي أما سرقة أموالهم أو الاعتداء عليهم أو تنقيصهم وهذه سائدة في العراق إلى اليوم !!!! .
٣- تقليد الجلاد فالضحية يحب جلاده وقيل أنَّ المهزوم يقلد المنتصر ، فالضحية يقلد جلاديه والعراقيون بمجملهم سحقوا من البعث وديست كرامة كثيرين منهم لذا يحاولون أن يجعلوا من هؤلاء الجلادين قدوة لهم .
٤- الصراع الطائفي وبحث كل طرف عن نقاط قوة ونقاط ضعف فربط البعث مع طائفة معينة لكونها القائدة فيه والمنتفعة ؛ منحه شخوصا يدافعون عنه ويعتبرون شتمه شتما لطائفة معينة !!!
٥- الصراع السياسي في منطقة الشرق الأوسط وتصوير البعث على أنه دافع عن العراق وطنيا وخاض حروبا من اجل كرامة البلاد وتعزيزا لمكانته والواقع هي طموحات فردية دفع العراقيون ثمنها باهضا ومازالوا يدفعون
٦- ضعف النظام الحالي فهو لم يظهر قسوة كنظام صدام فجعل الجميع يتجرأ عليه وبما أنه نظام ديمقراطي فحرية الرأي مكفولة فيه لذا يجاهر كثيرون بالدفاع عن الجلادين وتخطئة الضحايا والأنكى أن الجلاد صار ضحية والضحية جلادا !!!! .
٧- محاولات أبناء البعثيين أن يكونوا أرقاما مهمة في المجتمع على خطى آبائهم وهذه المهمة لابد من شروط كي تتحقق فكانت الحركة الأولى شيطنت النظام الحالي وجعله أسوأ نظام عرفته البشرية !! ؛ ليقولوا في المقابل أن نظام صدام الذي كان آبائهم جلادين فيه هو افضل من هذا ، لذا أيها الناس ابعدوا الفاسدين كما يسمونهم واجعلونا بدلا عنهم سنوفر لكم كل شيء ، وبما أن الجيل الصاعد غالبه ممن لم يكتوي بنار البعث ولم يقلب البنطال عدة مرات ولم يأكل خبز شعير ولم ينام في ممر سيارات الريم ويداس عليه من المارة لأنه ملتحق لوحدته العسكرية وليس لديه أجرة أو شاب يتحسر على ابسط الاشياء التي عبرتها الأمم ؛ فهو جيل بين ثلاثة اتجاهات :-
الاول / الجلادين الذين يريدونه لصفهم كي يسلطوا
عليه أبنائهم فهؤلاء اعتادوا أن يكونوا واجهة المجتمع ويسوقونه كما يساق الغنم !!! .
والثاني / الدونية الذين يحنون للجلاد ويعدونه رمزا وقدوة .
والثالث / الضحايا الذين لا يريدون أن يحل بالآخرين ما حل بهم فيحذرونهم البعث وأساليبه فيستمع من اعطي السمع وله عقل يفكر به ويكذب من لم يذق جرم الآباء ويريد أن ينتقم من الحاكمين وعندها يكتشف أنه قام بقتل نفسه ؛ وعندها يندم ولات حين مناص .
https://telegram.me/buratha