د. عائد الهلالي ||
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ .
اليوم هو الحادي عشر للحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة من جهة وعلى الفلسطينيين عموما من جهة اخرى فالاحداث تتصاعد بشكل كبير جدا وقد وضعت العالم امام حرج شديد.
فبرغم الدعم الكبير الذي يقدمه العالم لهذا الكيان المسخ من اجل تحقيق الاهداف التي رسمتها الصهيونية العالمية ومن خلفها كل المؤسسات الدولية التي تدور في فلكها بفرض الهيمنة على كافة اراضي طبقا لصفقة القرن التي اعلن عنها الرئيس الامريكي الأسبق سيء الصيت ترامب الا ان تصرفات الصهاينة في تهديد القدس وشن الحرب على المقدسيين دفع حماس الى اتخاذ موقف مشرف تجاه هذه التصرفات المجوجة والتي طالما مارستها سلطة الاحتلال تجاه أبنائنا فلسطين المحتله.
لكن ارادة الله هذه المرة كانت لهم بالمرصاد فعلى الرغم من القوة المفرطة التي استخدمها الكيان المسخ ضد ابناء غرة تدميرا وقتلا ورعبا وعدم التكافىء في موازين القوى بين الطرفين والذي تسبب بدمار كبير في البنى التحتية للقطاع بشكل عام والذي يعاني اصلا من تردي وتقادم بسبب الحصار على القطاع منذ فترة طويلة وخسائر غير منظورة في البنى التحتية للمقاومة واستشهاد بعض قادتها.
الا ان سلاح المقاومة قال كلمته في هذه الحرب وبعث بأكثر من رسالة الى المشككين بقدرات ابناء المقاومة في تحقيق انتصار على العدو والذي ظل لفترات طويلة حلم يراود الجماهير العربية فكان هذا الانتصار امتداد لتلك التي تحققت بعد طرد المقاومة لهذا المحتل من ارض لبنان عام ٢٠٠٠ ومرورا بحرب عام ٢٠٠٦ والتي الحقت المقاومة بالصهاينة هزيمة مذلة لتوالى الانتصارات في حرب ٢٠٠٨ وهزيمة داعش في سوريا والعراق المدعوم من قبل الاستكبار العالمي على يد ابنائها.
فقد خلقت هذه التجارب رؤية جديدة لخط المقاومة في احداث نقلة نوعية على جميع الصعد تسليحا وتنظيما وادارة وبالتالي استطاعت المقاومة الاسلامية وفي كافة خطوط المواجهة من ان تفرض قواعد اشتباك جديدة جعلت الجميع في حيرة كبيرة الاصدقاء قبل الاعداء فاليوم صواريخ غزة.
وعلى الرغم من عدم احداث اضرار كتلك التي أحدثها الصهاينة في غزة الا ان وصول هذه الصواريخ الى ابعد نقطة على خارطة فلسطين وافشالها للقبة الحديدية والتي طالما صدعوا رؤوسنا بها فأن الصواريخ التي تجاوزت القبة وسقطت فوق المدن التي يقطنها الصهاينة فقد تسببت بهلع كبير في صفوف المستوطنين وبعثت برساله لهم.
ان فرض سياسة الامر الواقع والقبول بما يريده المحتل والانسياق الى خططه وافكاره اصبح من الماضي فاليوم الكيان الصهيوني منقسم على نفسه مابين يمين متشدد يريد ان يمحو المقاومة عن بكرة ابيها وهو عاجز وعن معتدلين يرون ان الركون الى العقل والقبول بحل الدولتين هو الارضية التي يجب ان تنطلق منها اي مفاوضات مستقبلية.
نعم انتصار المقاومة يزعج الجميع المطبعين قبل الصهاينة انفسهم فلذلك تعالت الاصوات الداعمة لانهاء الحرب واعلان وقف اطلاق نار فوري لكي لايكون هنالك انكسار أكبر للعدو بعد ان فشل قي تحرير الأسرى الصهاينة لدى غزة.
فقد اتصل الرئيس الأمريكي والفرنسي بالرئيس السيسي لتبني المبادرة المصرية لانهاء النزاع بين الطرفين وهم الذين دعموا وبشكل علني وبدون مواربة العدوان ولو لفترة مؤقته ظنا منهم من انه ممكن ان يحقق طموحاتهم في اتمام صفقة القرن فكانت المبادرة المصرية تتحدث عن توجيه مبلغ من المال وقيمته ٥٠٠ مليون دولار للقطاع لتحقيق التنمية فيه.
الا ان هذا الحل لم يعتمد كحل للازمة الحالية ما لم يرافقه حل سياسي طويل الامد بين الاطراف المتنازعة ووضع نهاية دائمة لهذا الصراع والقبول بحل الدولتين على أقل تقدير وفق اتفاق ٦٧ .
نعم لقد قالت صواريخ المقاومة كلمتها وحررت الفكر العربي والذي استوطنه الذل والخنوع لسنوات طويله من استحالة تحقيق انتصار على هذا الكيان الغاصب و المدعوم من اطراف دولية لها ثقلها وتأثيرها في رسم السياسة الدولية نجدهم جميعا يستنجدون بوقف الحرب والركون للسلام كي لاتتسبب هذه الحرب بتعميق الفجوة داخل مجتمع الكيان الصهيوني والذي بات غير قادر على التعايش مع هكذا وضع قلق يهدد وجودهم ومستقبلهم.
ولذلك بدء البعض بالتفكير الجدي بالاقلاع عن فكرة البقاء في فلسطين وان حلم الدولة اليهودية هو حلم غير قابل للتحقق.
اليوم نستطيع أن نقول ان الحرب حسمت وانتهت لكن يتبقى السؤال من يوقف الصواريخ اولا فالطرفين لا يريد ذلك كي لايقال انه خضع لرغبة الطرف الاخر فبرغم من تعالي الصراخ بداعي حقن الدماء وتحقيق السلام.
لكن الامر يحتاج الى بعض الوقت للقبول بالحل الواقعي والذي فرضه سلاح المقاومة الان لا بالحل العنصري الاستيطاني والمدعوم للاسف الشديد من بعض الفلسطينيين والمطبعين وقوى الاستكبار العالمي نعم ان صواريخ المقاومة لم تقتل عدد كبير من اليهود لكنها استطاعت ان تقتل الحلم الصهيوني في ايجاد دوله له في هذه البقة من العالم.
https://telegram.me/buratha