حافظ آل بشارة ||
وقف اطلاق النار الذي اقر امس بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني تقف وراءه
الضغوط الامريكية والعربية على الطرفين لانقاذ اسرائيل من الانهيار الشامل المتوقع ، فقد فوجئت اسرائيل باكثر من 4000 صاروخ تهطل كالمطر على المغتصبات وعاصمة الاحتلال تل ابيب في ايام قليلة ، وقد ادى الهجوم الى شل الحياة في اسرائيل ، والذي ضاعف رعب سلطات الاحتلال تصريحات الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة الذي اعلن إن فصائل المقاومة جهزت نفسها لقصف تل أبيب ستة أشهر متواصلة ، بينما ادت المعركة التي لم تتجاوز مدتها 11 يوما الى عزل تل ابيب عن العالم مع انها لم تكن ذات اولوية في الاستهداف الصاروخي !
خبراء محايدون قدروا خسائر الكيان الصهيوني بنحو ٢.٥ مليار دولار خلال هذا الهجوم الصاروخي المتواصل ، وقد وصف الخبراء تلك الخسائر بالنزيف الاقتصادي المستمر ، ذلك ان الهجمات استهدفت مراكز اقتصادية ستراتيجية مثل مطار بن غوريون الدولي الذي اصيب اصابات مباشرة وخرج من الخدمة منذ اليوم الثاني من الهجوم ، و منشأة (تمار) للغاز التي بلغت خسائر توقفها 5 ملايين دولار يوميا ، اضافة الى التدمير الجزئي لكثير من المصانع والمعامل والمخازن وشل حركتها بشكل كامل ، وتوقف المتاجر وتوقف حركة المستوطنين وبقائهم في الملاجئ لمدة طويلة ، (وأعلن اتحاد المصنعين الإسرائيليين، أن قطاع التصنيع خسر 160 مليون دولار خلال الثلاثة أيام الأولى من الهجوم).
كما ان تكاليف القتال التي تكبدها جيش الاحتلال بلغت حوالي 37 مليون دولار يوميا .
يضاف الى ذلك الاحباط الكبير في الاوساط العسكرية بسبب ضعف اداء القبة الحديدية التي تعترض صواريخ المقاومة وتقدر كلفة كل صاروخ من صواريخ القبة ما بين 50 ألفا و 150 ألف دولار ، بينما تبلغ كلفة صاروخ المقاومة ما بين 300 و 1000 دولار للصاروخ الواحد، وذلك يعني أن كلفة اعتراض القبة لصواريخ المقاومة تقدر باكثر من 500 مليون دولار .
كما اصيب قطاع السياحة الاسرائيلي بالتوقف الكامل عندما اصبحت شواطئ تل ابيب تحت قصف الصواريخ ، وفي الاسبوع الاول من الحرب ابلغ 4 الاف مستوطن سلطات الاحتلال بدمار منازلهم كليا او جزئيا .
والغريب في هذه التحولات القاسية على الكيان الصهيوني هو عدم اهتمام سلطات الاحتلال بما جرى متجاهلة ان السبب المباشر لهذه الحرب هو الغضب العارم في الأراضي الفلسطينية عقب الاعتداءات الوحشية التي اركبتها شرطة الاحتلال والمستوطنون في القدس والمسجد الأقصى ومحيطه وحي الشيخ جراح ، وسقوط شهداء وجرحى . فبمجرد وقف اطلاق النار عادت قوات الاحتلال الى قمع الفلسطينيين في غرة والقدس والضفة الغربية ، وقد شهد اليوم الاول لوقف القتال الجمعة صدامات ادت الى اصابة المئات من الفلسطينيين بعضهم اصاباتهم خطيرة .
لا شك ان هناك مساع تشترك فيها اميركا وبريطانيا وعرب التطبيع لتمييع النصر الفلسطيني وافراغه من ثماره الكبيرة السياسية والامنية ، كجزء من محاولات انقاذ اسرائيل من الهزيمة ، خاصة وان الكيان الغاصب نجح في اخفاء الحجم الحقيقي لخسائره المرعبة ، حتى المستوطنون لا يمكنهم معرفة حجم تلك الخسائر ، الا ان ما يجمع عليه حكام الصهاينة ان كيانهم الهش المتهاوي لا يمكنه تحمل معركة صواريخ من هذا النوع مرة اخرى .
هل تعي القيادات الفلسطينية حجم الوهن الذي يعيشه عدوهم ؟ وحجم الهلع الذي يخلع قلوب المستوطنين ؟ وهل ستدفع هذه الحقائق القيادات الفلسطينية في المقاومة وحكومة محمود عباس الى توحيد رؤيتهم وجهدهم وموقفهم من اجل تحقيق النصر النهائي ؟
https://telegram.me/buratha