حمزة مصطفى ||
سقطت الكثير من المفاهيم والقناعات والتصورات والتنبؤات والتوقعات التي دخنا أو إنبهرنا بها طوال الثلاثين سنة الماضية. أي المسافة الزمنية الفاصلة بين آخر عشر سنوات من القرن العشرين وأول عشرين سنة من القرن الحادي والعشرين.
خلال هذه الفترة, الحقبة, المرحلة, سمها ماشئت, سقطت إمبراطوريات أعظمها الإتحاد السوفياتي الذي كان "يخوف الكاع". إنهارت جدران وأهمها جدار برلين الذي فصل الشرق عن الغرب .
في الحقبة ذاتها ظهر مفكرون "هنبل" بعضهم برؤوسنا مثل فرنسيس فوكاياما الذي تسرع بإعلان "نهاية التاريخ", فيما توقع بعضهم الآخر تحولات مهمة تحقق بعضها مثل صموئيل هنتنغون صاحب إطروحة "صدام الحضارات". بوش الأب "أخذه الواهس" هو الآخر فأعلن عام 1991 "النظام العالمي الجديد", لكنه خسر الولاية الثانية بعكس ماكان يتوقع .
كانت عين الناخب الاميركي على الخزينة الأميركية الخاوية لا على حرب النجوم. بوش الإبن بعد 13 عاما من حقبة أبيه أعلن أن العالم ينقسم الى إرهاب وهمبركر . ولأن الأميركان هم أهل الوجبات السريعة أعادوا إنتخابه لولاية ثانية.
ماتت أوكادت أفكار فوكاياما الذي حاول أن "يرقعها" بسلسلة كتب تالية حتى "يجيب الراس ع الراس". في هذه الأثناء برز منظر العولمة توماس فريدمان من بين صفحات "نيويورك تايمز" كأحد أبرز كتاب أعمدتها. وفريدمان يجمع بين عمق التفكير وسلاسة التعبير. فريدمان كتب أوائل العشرية الجديدة "العالم مسطح" ناذرا الواهلية على رؤوس البشرية بولادة عالم يمكن أن يتعايش فيه الذئب والحمل بمجرد أن يأكلا معا من أحد محلات مكدونالد. لم يكتف فريدمان بذلك, كتب أيضا "السيارة ليكزس وشجرة الزيتون" ساخرا من الفلسطينين والإسرائيليين لأنهم من وجهة نظره يتقاتلون على شجرة زيتون فيما تجوب شواع هونكغ كونغ وبرلين وتايون وروما ومدريد وسنغافورا وماليزيا السيارة ليكسز رمز العولمة. كان للخفاش الذي ظهر من ووهان الصينية رأي آخر.
جاء لنا بالجائحة تمشي الهوينا على طريق الحرير. تخربط الغزل ومعه النبوءات والتوقعات. صار العالم كورونيا لامسطحا ولا متعرجا ولا حلزونيا.
لم تعد تنفع به لا لكزيس ولا رانج أو مسكوفيج أو حتى "ركة". تمرمط نوستر داموس ولم يعد معلم علي الشيباني يسعفه بشئ. الجائحة وحدها هي من تفرض خيارات من يبقى أويرحل, تلقح بفايزر الأميركي أو "تجلط" بإسترازينكا الإتكليزي أو ينتظر شحنة جديدة من سينافورم الصيني.
نسيت العنوان كعادتي. بالعودة اليه فإن العالم الذي كان مسطحا أصلا مثلما توقع فريدمان, صار رقميا أو إن شئت سيلكونيا بعملة بكتوينية موطنة بحسابات مؤمنة على هاتفك المحمول. كل شئ صار عابر لا للقارات بل للأكوان. طرق التنافس إختلفت. التنافس صار في وادي السيلكون لا في شركات النفط أوالكهرباء أو الإتصالات. الثروات لاتزال تهطل بلا وجع قلب على جيوب بيل غتيس الذي تسلمت طليقته ميلينيدا نصف مايملك من ثروة وقدرها 133 مليار دولار وماتبقى له بنفس القدر, فيما لايزال بائع الخردة جيب بيزوس مؤسس أمازون يتربع على العرش لا أبو بكتل أو شيل أو فورد أو سامسونغ ناهيك عن صاحبنا الصبي الذي "خبلّ الجميع" كوزمبيرغ. "تسودن" العالم يافريدمان. "شك" العالم "جبير" ورقعته .. أكب
https://telegram.me/buratha