عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
رسائل خطيرة، بدأ نهر دجلة بارسالها ينبغي قراءتها بامعان، واتخاذ الاجراءات المناسبة بشأنها، قبل فوات الاوان، فمَن يسرّح نظره في النهر ، يلاحظ بوضوح، الانخفاض الحاد في كميات المياه المنسابة في حوضه حتى يكاد يرى احشاء دجلة الداخلية، وهذه حالته في بغداد، التي يعد حالها افضل بالمقارنة مع حال المدن والمحافظات الواقعة، في بزايز النهر، فقد وصلت نسبة التراجع الى ٥٠٪, بحسب وزارة الموارد المائية، ومن المؤكد ان هذا النقص في المياه، ناتج عن سببين اثنين، الاول، هو عدم اطلاق الجارة تركيا، الحصص المائية كاملة، لاسيما بعد قيامها بانشاء سد اليسو، فضلا عن قيام الجارة ايران، بتغيير مسارات بعض روافد نهر دجلة، اما السبب الثاني، فيرتبط بتراجع كميات الامطار المتساقطة في العراق، خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتالي فأن انخفاض مياه نهر دجلة ، وقلة الامطار، سيؤدي بالضرورة الى انحسار مساحات المياه الجوفية، وهذ محذور اخر.
وازاء هذا المشهد الذي وصفته رسائل نهر دجلة ، فاننا سنكون امام قضية خطيرة، فكميات المياه التي ينبغي توفيرها للاستهلاك البشري، ستمثل مشكلة مخيفة، كما ان الزراعة ستكون في خطر، في وقت يجري الحديث عن خطط استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتمتد المشكلة لتهدد الطاقة الكهربائية، في ظل وجود محطات كهربائية كبيرة تعتمد على المياه، في توليد الطاقة.
وهنا، ثمة اجراءات وسياسات مهمة يمكن اللجوء اليها لنكون بمستوى هذه المواجهة، لعل اولها واهمها، هو ترشيد الاستهلاك، وهذا يتطلب حملات توعوية واسعة، لتغيير نمط استهلاك المياه من قبل الناس، فما زلنا نتعامل بلاأبالية كبيرة في هذا الجانب، ومثل هذه الحملات تتطلب مشاركة الجميع، وثانيها، تغيير اساليب الري القديمة واستبدالها باخرى حديثة، فتلك الاساليب، تكبدنا خسائر فادحة، وثالثها، اعادة النظر بـ" الزراعية"، ومحاولة التركيز على المحاصيل الاستراتيجية، ذات الاستهلاك المائي الاقل، والاستغناء عن محاصيل اخرى مثل الشلب وغيرها. ورابعها، ايلاء سدود حصاد المياه الخاصة بالامطار اهتماما استثنائيا، لتحقيق اقصى استفادة من مواسم الامطار، بالاضافة الى العمل على استكمال مشاريع السدود الكبيرة غير المكتملة، وخامسها، الضغط على البلدان المتشاطئة معنا للحصول على حقوقنا المائية كاملة، حتى وان تطلب ذلك استخدام الضغط التجاري، وصولا لضمان توفير المياه في قابل السنين، التي ستشهد زيادات مضطردة في اعداد السكان.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha