منهل عبد الأمير المرشدي ||
تمر هذه الأيام ذكرى رحيل مفجّر الثورة الإسلامية في إيران الإمام روح الله الخميني (رض) الذي إستطاع وبإعتراف الأعداء قبل الأصدقاء أن يبعث الآمال في نفوس الناس بعودة الإسلام المحمدي الصحيح .
إسلام يحفظ للأمة ثوابت الكبرياء وعزة النفس والسيادة وإمتلاك القرار والتحوّل من كيان تابع الى أمة تنبض بالحياة كقوة فاعلة في الأرض مستقلة عن الغرب والشرق وفق الشعار الذي أعلنه الإمام الخميني (رض) لا شرقية ولا غربية بل أمة تمثل الترجمان الحقيقي للإسلام.
لقد تجلى نهج الإمام الخميني بترسيخ الإيمان الحقيقي الذي يقود إلى الإيمان بالإنسان والاعتناء بجميع خلق اللَّه ولا سيما المحرومين منهم والمستضعفين والمظلومين ليشكل نقطة تحول هامة في تاريخ العالم الإسلامي .
حين اعلن الإمام الخميني (رض) ثورته لتخليص الشعوب الإيرانية من سلطة الشاه عميل أمركا ورمز الظلم والاستعباد لم يكن يملك سلاحاً سوى الإيمان والكلمة الصادقة وطاقة الروح الفياضة وقدوته التي يتأسى بها برسالة المصطفى المختار ( ص) مشدودا في مواصلة النضال بروحه المستلهمة لمعاني التضحية لسيد الشهداء الحسين بن علي (ع) ومدرسة واقعة بلطف حتى اوجز كل ذلك في قوله المأثور بعد إنتصار الثورة حين قال ( كل ما فينا من خير ونجاح وانتصار هو من الحسين عليه السلام ) .
من عظمة الإمام الخميني إنه كان يتوجه إلى البشر كافة وليس المسلمين فحسب لأن الإسلام دين جاء للناس كافة وهو مشروع مضاد لكل أشكال الاستغلال والاستعمار والتبعية والانحلال والفساد.
من هنا كانت نقطة الشروع بغلق السفارة الإسرائلية وتسليمها لدولة فلسطين ووقوفه الذي استمر طوال الأربعين عام الماضية نهجا ثابتا للثورة الإسلامية مع كل المستضعفين والمظلومين ضد الطغاة والظالمين حيثما كانوا بعيدا عن الركون لدين او مذهب او معتقد فكان حضور ايران الثابت والفاعل في نصرة الشعب اليمني ضد عدوان آل سعود ونصرة المقاومة الإسلامية الفلسطينية في غزة والمقاومة في لبنان ضد الكيان الصهيوني بل وصل المدد لنصرة دول في قارة امريكا الجنوبية وافريقيا كمصداق ثابت على إن نهج الإمام الخميني (رض) وثورته العظمية ذات بعد إنساني عالمي كما هو الإسلام جاء منقذا لكل البشرية .
لقد صنع الخميني تأريخا جديدا وصناع التاريخ لا يموتون حيث يستمرون باستمراره يمارسون تأثيرهم بعد الموت وهو آخر صناع التاريخ منذ ذلك الخريف الثلجي في ضاحية باريسية لعام 1978 وحتى الفجر الحزين ليوم الأحد في الرابع من حزيران 1989 في طهران بعدما اصطنع العجوز المعمم الطريد الشريد تاريخاً جديداً ليس لإيران فحسب بل للعالم كله.
انقسم التاريخ إلى ما قبل وما بعد مقسماً في الصدارة منه لرجل بسيط القيافة يقتعد الحصير ويطلق كلماته قوية فتزلزل الدنيا وتغير ما فيها شرقاً وغرباً.
نعم فليس عالم ما بعد الخميني هو نفسه عالم ما قبل الخميني الذي صمد بوجه امريكا واسرائيل والأعراب الذي دعموا المقبور صدام وحرضوه على شن حرب الثمان سنين كما تحدى الحصار الأمريكي والأوربي الذي تجاوز عقده الرابع تحدي انتصار على طول الخط بعدما قلب الصورة المستوحاة عن الأمة المثقلة بالرهق إلى حد البله وبالكسل إلى حد الإحباط الذي يحول بينها وبين دينها الحق فلا تكاد تراه إلا وهماً ولا تكاد تقرَّاه إلا طيفاً ولا تكاد تعيشه إلا مكاء وتصدية حاسبة أن ما هي عليه عين الإسلام فأعاد الإمام الخميني إلى الأمة ثقتها الضائعة بنفسها وصدع بالإسلام الحق فانصدعت لصدعه قلوب المستبدين وانفتحت له قلوب المؤمنين وأعاد للناس الثقة بدينها وبالرسالة السماوية السمحاء التي يمثلها الإسلام.
أخيرا وليس آخرا اقول إن السر الأعظم في الإمام الخميني هو إنه استمد دعوته وثورته وشجاعته من اللَّه وفي اللَّه مخلصا له الدين فكان من الصادقين المخلصين ورحمة من الله وبركات عليه يوم ولد ويوم ارتحل عن الدنيا الى الرفيق الأعلى ويوم يبعث حيا ورحمة الله وبركاته .
https://telegram.me/buratha