د. جهاد العكيلي *||
حينما تسمع تفسيرات النخب السياسية التي قادت العراق على مدى الثمانية عشر عاما الماضية، وهم يتطرقون للخدمات الاقتصادية والتنموية وحتى على المستوى السياسي بما يعملون ، ستجد نفسك ازاء ما حققوه في هذا المجال من خدمات وكأنك تقرأ موسوعة ابن سيرين البصري لتفسير الرؤى والأحلام ، إذ يجعلك ما يدعون ويفسرون ان تعيش في حالة تصادم فكري ان لم تصاب بإرتجاج عقلي امام كثرة التفسيرات بل وتزاحمها بشكل لا يطاق ..
ان مواقف وتصرفات اهل السياسة الذين يتبؤون المناصب في مفاصل الدولة العراقية ويديرونها على وفق هذا السياق، اصبحت اشبه بقراءة الأحلام عند العراقيين بل الاحلام بعينها ، وهو امر اكده رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في اكثر من لقاء حين قال ان واقع العراقيين المعاش ناجم عن حصيلة تجارب سياسية متخبطة واعتبر في لقاءات اخرى أن السياسات السابقة دفعت بالبلاد الى الفوضى وعدم الاستقرار وانعدام الدراية والخبرة الكافية بإدارة البلاد وشؤون العباد ..
ومن المؤكد ان السيد الكاظمي كان يريد ان يقول انه ولهذه الأسباب وغيرها هي التي ساعدت على انتشار الفساد المالي والاداري، كما ادت الي انهيار المنظومة القيمية التي بدونها لا يمكن ضبط عمل الموظف والمسؤول في الدولة ..
وعند ترصدك لتفصيلات العمل الحكومي في مؤسسات الدولة وإجراءات سير وتطبيق النظام والقانون في مجمل الإجراءات التشريعية والتنفيذية، يمكن لك ان تكتشف بسهولة مغالطات كثيرة في برامج الحكومة وأدائها، مما سهل وساعد على انتشار الوصوليين والمنتفعين والمتهافتين للتمسك بكرسي هذه المؤسسة او تلك ..
لقد أكلوا هؤلاء المتمسكين من جرف عمر الحكومات وأفلسوها من رصيدها السياسي بل ودمروا كيان الدولة وهويتها، ولازالوا يلعبون نفس الادوار ويتقافزون بين اكتاف كتل السلطة مستغلين المغالطات التي وقعت بها اَلنخب الحاكمة التي اتسمت بالعفوية والسطحية والولاءات الشخصية على حساب مصلحة المواطن والوطن ..
وعلى قول احدهم فأن العلاج الحقيقي للحالة العراقية وما تعيشه في الوقت الحاضر والمستقبل تتطلب من القيادات الحكومية ذات الاختصاص ان تأخذ دور الطبيب حين يعالج الورم الخبيث في جسم الإنسان، وذلك بإستخدام مشرط طبي لتجنب شل حركة الإنسان والدولة او على اقل تقدير التخفيف من الالام ، وبهذا الأسلوب والمنهج السياسي يمكننا السير بطريق الصحيح ببناء الدولة ومؤسساتها، وعند ذلك يمكن للمعنيين بهذا النهج الاصلاحي معالجة ظواهر الفساد المنتشرة في العراق .. وبخلاف ذلك سوف يبقى العراق يعيش في دوامة لا تنتهي ويصعب على المفسرين لإيجاد الحلول لها لا عند ابن سيرين، ولا عند السياسيين انفسهم!..
*كاتب عراقي
https://telegram.me/buratha