حمزة مصطفى ||
الكتاب يمشي بك, أحيانا مسافات طويلة فيثريك فكرا وثقافة وإبداعا. الحذاء تمشي به. والمشي حسب الجودة, بعض الأحذية تتهرأ بسرعة بينما بعضها تعيش معك "عمرالنسر". الكتاب تقرأه, أما الحذاء فمن خلاله جودة ولمعانا وماركة يقرأ الناس أناقتك وشياكتك, بل حتى جمالك في حال كنت نرجسيا "حبتين" ومن الذين تنطلي عليهم الحكاية البايخة أن المرأة تنظر للرجل من خلال الحذاء لا المخ.
الأسبوع الماضي حصلت لي ولمجموعة من الأصدقاء حكاية طريفة مع الكتب والأحذية معا. نحن الأصدقاء القراء كتبا والمشائين أحذية قرر أحد أصدقائنا الكرام تصفية مكتبته بعد أن تضخمت كثيرا بحيث زحفت الكتب على الصالة والهول وبلغت المطبخ. ولأن الكتب أنواع "مثل الجفافي" فقد قرر صديقنا التخلص أولا من الكتب المهداة له من قبل المؤلفين أنفسهم, مع كل عبارات الإحترام والتوقير وجملة من الصفات المجانية مثل "الأديب الأريب, الجهبذ, المبدع". حمل لي صديقي كمية كبيرة من الكتب التي فاضت عن حاجته. ولما تصفحتها لعلي أجد في بعضها ضالتي المعرفية فإذا بها تقريبا نفس الكتب المهداة لي من بعض نفس المؤلفين, والتي سبق لي أن تخلصت منها بطريقة أو بأخرى. ركنتها في الصالة بحيث بقيت ثلاثة أيام "نايمة على قلبي" حتى جاء الفرج حين صدح الصوت اليومي الخالد في زقاق محلتنا "عتيك للبيع".
لم أجرؤ على الخروج لكي أسأل البائع فيما إذا كان يرغب ليس بشراء كتب فهذا من سابع المستحيلات بل على الأقل حملها معه والتصرف بها مثلما يريد حتى لو كانت حطبا للتنور. الذي حصل أن "أم علي" أوقفته لوجود أغراض زائدة في البيت كالعادة. بعد أن أخذ ما تم الإتفاق عليه قررنا التكرم عليه بصوبتين زيتيتين قديمتين. فرح الرجل جدا لهذا الكرم الحاتمي الأمر الذي شجعني أن اساله أن كتبا زائدة لدي.. هل تأخذها؟ "باوع" علي الرجل وطلب مني رؤيتها. بدأ بتقليب بعضها ثم التفت الي قائلا.. أستاذ إذا قرأت هذه الكتب "أكدر أحجي زين". باغتني السؤال فلم أجد له إجابة مقنعة فيما إذا كان هذا الشاب مازحا أم جادا؟ قبل أن أحاول ترتيب إجابة عن سؤاله حسم هو الأمر قائلا .. هذه الكتب سوف تكون من حصة الحجي "يقصد والده" لأنه يحب القراءة.
حمدت الله لأن الحجي يقرأ وضحكت بـ "عبي" كثيرا لأن الحجي سيقرأ كتبا مهداة الى طرف ثالث هوصديقي, بينما نقلت له من طرف ثاني هو أنا عن طريق طرف أول هو إبنه "ويكلك تعال أعرف قتلة المتظاهرين".
لم تنته الحكاية عند هذا الحد. فمثلما إتخذ صديقي قرارا تاريخيا بتصفية ماهو زائد في مكتبته إتخذ نفس القرار بتصفية مابحوزته من أحذية من ماركات مختلفة جلبها معه من سفرات متعددة. توزيع الأحذية يختلف جذريا عن توزيع الكتب. فحتى تهدي كتابا لأي شخص لاتحتاج أن تعرف حجم مخه بينما الحذاء تحتاج معرفة مقاس القدم. حصل أصدقائي على حصصهم من الاحذية لتطابق مقاس أقدامهم بينما خاب ظني بسبب عدم تطابق مخي مع الكتب وقدمي مع الأحذية.
https://telegram.me/buratha