حسن كريم الراصد ||
رغم سوء الخدمات وعجز الحكومات المتعاقبة عن القيام بواجباتها كما هو المتعارف في الدنيا الا اننا اليوم نتمتع بمتوسط دخل لو قورن بما كنا عليه في التسعينات لما وجدنا وجه مقارنة ..
نعم نحن افضل حالا بكثير مما كنا عليه ابان حكم دولة الجبابرة وهذا ما يؤكده بروز هذه الظاهرة الغريبة التي تنم عن الاستهتار وجحود النعمة ..
حرق النقود في الاعراس قد يراها البعض شيء سخيف لا يستحق الالتفات الا اني انظر له من زاوية عدم احترام المنعم الرازق الذي اسبغ علينا هذه النعم ...
ان من يقوم بذلك ليس الفقراء الذين أؤذوا من قبل ومن بعد بل ان ذلك من نتاج الذين يتباكون على الزمن الجميل والذي لم يعيشوا ايامه ولم يدركوا حال امهاتهم عندما يحل ضيفا مفاجئا فتبعث للجيران بطلب نصف ربع كيلو من السكر لخلو دارها منه !! انهم لم يتذوقوا عصائر التمر ولم يتذوقوا خبزا كان دقيقه مطحون مع الطيور النافقة والجرذان الهالكة .
انهم لم يعيشوا تلك الايام اما لصغر سنهم او لانهم كانوا في حال ليس كحال عامة الناس لانهم يستطيعون العيش والتكيف في كل مراحل الحياة .. فهم لصوص اليوم وهم لصوص الامس وهم لصوص الغد .. هم في خير وبطر ونعيم في كل الازمان بعد ان تمكنوا من فك شفرة التعايش مع كل المراحل . فهم كانوا بعثيون ويفاخرون بذلك وقد انشدوا قصائد واغاني بحب القائد ..وهم اليوم قد تسلقوا في سلالم الاحزاب ووصلوا الى ماوصلوا اليه من وظائف مرموقة ومقامات محمودة بتغنيهم بعيون القائد الجديد .. نفس الاسطوانة تدور. ... تدور ... وتعود لمركزها الاول .. ويبقى الفقير يدور على اسطوانة العوز والفاقة ..
فهو يسكن العشوائيات وسيبقى كذلك حتى لو اصبحت بغداد كستوكهولم .. وهو يفترش الرصيف يعتاش مما يبيع من بضاعة سخيفة وان اصبح سعر برميل النفط 200 $ ..وهو لا ينتفع بالدولار ان تصاعدت قيمته او تراجعت فهو خارج اطار تلك اللعبة ولا يفقهها ولا يعلم ماذا يجري في اروقتها ومن يتلاعب باسواقها .. جل همه الحصول على ثلاثة اوراق من تلك التي يحرقها المتنعمون ليعود لاهله بما يسد رمق يومهم ...وغدا : الله كريم . . في حين يحرق الاغنياء الاموال في حفلاتهم .. وينثرونها بين ثنايا صدور الغواني في نزواتهم ... ويتلفونها في فنادق وصالات العواصم الباردة على سخافاتهم .. انهم يتنعمون بما سرقوه من هذا المعتاش على الرصيف ..
وهم يحرقون ما بامس الحاجة اليه الفقراء ..
https://telegram.me/buratha