🖋 قاسم سلمان العبودي ||
لقد ذهب أكثر المحللين السياسيين ، والمتابعين للشأن السياسي العراقي ، وحتى بعض القيادات السياسية ، الى إن النجاح الكبير ، والإنضباطية العالية التي رافقت الإداء العسكري في أستعراض الحشد الشعبي قد أغاضت واشنطن ، وهو اي الإستعراض ما عجل بهذه الضربة الإمريكية الغادرة على القطعات المتواجدة على الحدود ، وهذا جزء من القراءة التحليلية .
يتبقى هناك جزءٍ ثان ، وهو أن أستهداف الحشد في هذا الوقت تحديداً ، للإلتفاف على قرار الكونغرس الإمريكي القاضي بتفويض الرئيس الإمريكي بأرسال قطعات الجيش الإمريكي خارج حدود الولايات المتحدة ، للحفاظ على ( الإمن القومي ) ، الذي منح للرئيس جورج دبليو بوش ، أبان الإحتلال الإمريكي للعراق وبقى ساري المفعول حتى مجيء بايدن .
لذلك هي المرة الإولى التي يقول بها بيان الجيش الإمريكي ، أن القرار صدر عن جو بايدن الرئيس في سابقة تُعد الأولى . يَبدوا أن الغرض من الضربة هو جَر الحشد الى مواجهة عسكرية بين الطرفين ، من أجل أقناع المؤسسة العسكرية صاحبة قرار التفويض ، بأن الحشد يشكل خطراً على مصالح الولايات المتحدة ، وعلى أمنها القومي في الداخل ، مما يعطي الذريعة الى عدم أنسحاب الجيش الإمريكي من العراق تحت ضغط الكونغرس الأمريكي ، وخصوصاً هناك أنسحاب محتمل للقوات الإمريكية من أفغانستان ، وقد بدأ فعلاً أنسحاب بعض القطعات من هناك حسب الانباء الواردة من كابول .
فضلاً عما ذكرنا ، هناك أنحسار للتواجد الإمريكي في الشرق الإوسط على مستوى أثبات الوجود وخصوصاً بعد فشل الكيان الصهيوني بصد صواريخ المقاومة الفلسطينية ، الذي قوض الأدعاء الإمريكي بأمكانية القبة الحديدية التي تلاشت أمام ضربات المقاومة . يضاف الى ذلك ، أفشال المخطط الإمريكي في العراق من قبل الحشد الشعبي ، الذي قلب المخططات الإمريكية الرامية بتقطيع أوصال البلد ، ومن ثم الذهاب به الى تطبيع مذل كما جرى لبعض الدول التي طبعت علاقتها مع الصهاينة . كما إن منع الحشد الشعبي من عبور المجاميع الإرهابية الداعشية من سوريا بإتجاه العراق أربك المخطط الإمريكي القاضي بخلق فوضى أمنية في الداخل العراقي . جميع هذه التداعيات وغيرها ، أجبرت واشنطن على الإقدام على هذه الضربة الغادرة التي هي ليست الإولى ، ولا نعتقد بأنها ستكون الإخيرة ما لم يتم تفعيل القرار الخاص بطرد القوات الإجنبية . ذهاب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى بروكسل في هذا الوقت الحساس ، للألتفاف على قرار البرلمان الذي مضى على اقراره اكثر من سنة ، وذلك بأستبدال قوات الإحتلال الإمريكي ، بقوات الناتو المتعدد الجنسيات ، كي يتم أذابة القرار العراقي بطرد القوات الإمريكية ، والمجي بقوات مقاتله بديلة بحجة التدريب والإستشارة .
بدا الأنقسام السياسي واضحاً بين النخب ، عندما شجبت الإوساط السياسية الغارة الإمريكية ، ولم تعطها صفة العدوان . مما يدل دلالة واضحة أن المواقف الوطنية غير موحدة ، وأن هناك مصالح شخصية مع واشنطن من قبل بعض رؤساء الكتل الذين إستنكروا العملية من باب إسقاط الفرض فقط . لكن إغرب بيان وسط هذه الموجه من الإستنكارات ، كان بيان وزارة الخارجية العراقية التي عبرت عن ضعتها وضعفها بشكل واضح لا يرقى له الشك بالهوان .
في الوقت الذي كنا نتوقع إن يكون رد الخارجية العراقية على مستوى الحدث الكبير ، الذي أطاح بهيبة الدولة ، خرجت لنا ببيان هزيل خدش كبرياء جميع العراقيين بلا إستثناء ، عندما وصف البيان بأن الغارة عبارة عن تصفية حسابات ! وكأن القوات الماسكة للإرض لم تكن عراقية !
اليوم بات تفعيل القرار البرلماني القاضي بإخراج المحتل الإمريكي ضرورة ملحة ، لإعادة بناء الدولة العراقية التي إضعفها الإحتلال ، والتي لم تنتج لنا حكومة وطنية لهذا اليوم .
https://telegram.me/buratha