محمد هاشم الحجامي ||
الزعامة والجاه يخلقها مغامر وتخدمه الظروف فيصبح رمزا ويدخل التاريخ وربما الخيال من أوسع أبوابه
وهذا حالها في العراق منذ العهد العثماني إلى اليوم فلو قلبت أسماء غالب الزعماء السياسيين والاجتماعيين والملاك واصحاب النفوذ لوجدتهم في الغالب ورثة أجداد وآباء غامرو فنجحت المغامرة ؛ فملاك الأراضي والعقارات وزعماء الأحزاب وغيرها من هذا الصنف .
قلب الأسماء فلن تجد إلا ما ندر صنعوا مجدا بأيديهم وحتى هؤلاء سيورثون جاه لذويهم ينتفعون بهم في سالف الايام لو قلبنا اسماء القادة وعدنا ادراج التاريخ نبحث عن آباءهم وأجدادهم لوجدنا هذا ابن اقطاعي وذاك ابن وزير أو حفيد مرجع أو سليل طريقة صوفية أو وريث عائلة متعاونة مع الحكومات سواء منها العثمانية أو الانكليزية أو الملكية أو الجمهورية .
والعجيب أن المخططون لهذا المجد تم إقصاء أبناءهم وأحفادهم ، فأين أبناء سلام عادل الزعيم الشيوعي الشهير أو أول أمين عام لحزب البعث فؤاد الركابي او منظرو الأحزاب الإسلامية !!!! ؛ كأنها يعملون بحديث الوليد بن عبد الملك من تولى هذا _ أي الخلافة_ الأمر ثلاثة أيام غفر له وعندهم من تولى منصبا ورث أبناء الزعامة من بعده !!! .
واين أبناء الشهداء الذين سقطوا بالالواف وقوافلهم ملئت أرض العراق وصبغت الفراتين دما فلا وجود لهم ولا ذكر بل لو سألت غالب الشباب عن أسمائهم لجهلهم فهو يعرف احفاد الزعماء المتصدرين اليوم واسماءهم معروفة ولمن يريد أن يتابع فليقلب أسماء الكثير من الوزراء والسفراء واعضاء مجلس النواب والمدراء العامين ستجدهم لولا مجد الآباء لما كانوا هنا فلا فضيلة تميزهم عن الآخرين سوى اجادت التملق أو فهم قوانين اللعبة والاتكتيت ونحوه من خبايا المهنة !!!
فطبيعة الثقافة العراقية تحترم القوي وتقدم الغني وتثني على القاتل فتسميه ( رجال زين ) وتحترم السارق وتسميه ( سبع ) وتثني على المخادع وتطلق عليه يعرف من أين تؤكل الكتف !!!! وهذه الثقافة هي الرافعة لورثة النافذين في التأريخ القريب من وزراء وزعماء قبائل أو واجهات اجتماعية أو زعامات دينية .
واذا امتد بنا الزمن وعشنا لخمسين سنة أو عاش بعضنا سيجد الحاكمون هناك هم ابناء أو أحفاد الزعمات الحالية ويطعمون بأصهارهم وبعض الأشخاص القريبين منهم وستجدون المديح الذي يطلق ويقال على أجدادهم الذين عرفوا بالنزاهة والزهد بالمال العام وقد تولوا المناصب والوزارات في ظروف صعبة من أجل منع العراق من الإنهيار وحفاظا على وحدة أراضيه وصونا لمقدساته من الهتك والدمار كما يصور لنا البعض اليوم وزراء العهد الملكي بأنه عهد ازدهار وتقدم ونعيم ولا كأننا احفاد أولئك الناس الذين كان غالبهم لا يجدون ثوبا ولا مداسا بل لقمة الخبز كانوا يتحسرون عليها أو تصوير الأمان ايام صدام وكان المسافر بين المحافظات الجنوبية وبغداد تؤخذ أمواله ويعتدى عليه ناهيك عن الحروب والدمار وحفلات الموت الجماعي والإذلال .
فمنذ أصبح معاوية خليفة رسول الله بعدما كان يخوض معه حربا ضروسا بقي التأريخ يستسخ لنا في كل زمان معاوية وأبا سفيان .
ـــــــ
https://telegram.me/buratha