محمد العيسى ||
ثبت من خلال التجارب الماضية والراهنة ،ان الجيوش النظامية لاتستطيع أن تدافع عن أوطانها بوجه الجماعات الأيديولوجية ،ولعل تجارب سوريا والعراق وافغانستان ،اقرب أمثلة تساق في هذا التعبير ،فلم يعد السلاح كافيا لهزيمة الجماعات الدينية المتطرفة التي تعتمد أسلوب التضحية والاندفاع الشرس سبيلا للانتصار ،فداعش انتصرت في العراق واستطاعت أن تهزم الجيش العراقى المدجج بالسلاح في برهة زمنية قصيرة ،وكذلك كانت قد انتصرت في سوريا ،رغم أنها تقع في خط المباشرة مع إسرائيل ،وكان مهيئة للتعامل مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بكل ماتمتلك من عدة وعدد ،وكذلك في أفغانستان ،فالمشاهد اليومية المتكررة أثبتت عدم قدرة الجيش الافغاني على مواجهة حركة طالبان ،رغم التحضير والتجهيز الأمريكي على مدى أربعين عاما.
الحرب اليوم ،حرب ايدولوجيات وحرب عقائد ،ومن يتمسك بعقيدته أكثر فسيكون انتصاره اقرب .
من هنا لابد أن نشير الى تجربة الحشدالشعبي ،فهذه القوة التي تشكلت بفتوى دينية وتضم في عمادها قادة مجاهدين تمرسوا على الصبر والتضحية والمطاولة ،هذه القوة حققت النصر في غضون ثلاث سنوات بعد أن وضعت لها القوات الأمريكية في العراق سقفا زمنيا يقدر بعشرات السنين .
أن الإرادة لاتهزمها غير الإرادة الأقوى ،والاكثر استعدادا للمواجهة ،ولذا فإن الدعوات لحل الحشد الشعبي أو دمجه مع باقي الصنوف الأمنية معناها إعطاء الضوء لداعش مرة أخرى للعودة إلى العراق ،وتحقيق ماعجز عن تحقيقه طيلة فترة وجود الحشد الشعبي .
ستهزم الجيوش مالم تكن لها عقيدة موازية لعقيدة الجماعات المتطرفة ،وهذا ماتدركه امريكا جيدا ولذا فهي تحاول إعادة السيناريوهات القديمة ،ولكنها دائما تصطدم بعقبة كأداء تحول دون تحقيق أحلامها وهي وجود الحشد الشعبي الذي لايخضع لاجندتها ولاياتمر بأوامرها ،ولذا فإن بقاء قوات الاحتلال في العراق معناه تمهيدالارضية لعودة داعش للعراق ،وعودة داعش معناها مبررا معقولالوجودها ،و الحشد الشعبي يدرك تماما هذه اللعبة ،وقد أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن الوطن دون الحاجة لبقاء قوات الاحتلال في العراق،فبقاء هذه القوات معناه سيكون العراقيين بعد أربعين مجبرون على القبول بداعش ،كما أصبحت طالبان الان حقيقة واقعة في أفغانستان بعد أن سيطرت على ثمانين بالمائة من اراضي هذا البلد المنكوب.
https://telegram.me/buratha