د.محمد القريشي ||
وصف افلاطون مجموعة من السجناء المحبوسين في كهف، مقيدي الأيدي والأرجل، بحيث لا يستطيعون الفكاك أو الالتفات إلى الخلف، بينما توجد خلفهم فتحة صغيرة يدخل منها نور الشمس، وتوجد كذلك حولهم كل الأشياء الحقيقية ولكنهم لا يستطيعون رؤيتها او تلمسها. لذا فإنهم يكتفون بالنظر أمامهم، ويرون ظلال الأشياء الموجودة خلفهم منعكسة على الحائط في شكل صور أمامهم، وهكذا، فإنهم اعتادوا مع مرور الزمن على رؤية تلك الظلال وكأنها حقائق.احد السجناء، فكَّر وتحرر بشكل بسيط من قيوده وخرج الى النور ورأى الحقيقة واخبر بعد ذلك رفاقه ولكنهم لم يصدقوه وحاولوا قلته !!!
تشير معاني هذه الاسطورة، الى ان ما نراه امامنا من ظواهر وحالات وسلوكيات قد لا تمثل بالضرورة الحقيقة نفسها وإن حجاباً يجب ازاحته عن العقل بواسطة التفكير النقدي لرؤية الحقيقة !!!
أثار انتباهي نص باللغة الفرنسية يربط بين دخول النور الى حياة الناس ودخوله الى عقولهم..، فيما يلي ، ترجمة تقريبية لجزء منه ( انعكس ظهور العلوم الحديثة على حياة الناس خلال القرن الثامن عشر، واخترع العلماء بعض اللقاحات ضد الامراض واتجهت اعمار الناس الى التزايد، وتم الشروع بشق الطرق بين المدن، فتكثفت حركة البشر وانتعشت التجارة
وظهرت الصناعات الجديدة بهيئة ورش بدائية، وتبدلت مواد البناء، وباشر السكان بتغيير تصاميم العمارة وطبيعتها ، فتوسعت الشبابيك وحل الزجاج الذي يسمح لاشعة الشمس النفوذ الى داخل البيوت، وأدى ذلك الى زيادة فترة تواجد النور في المنازل وتقليص الظلام "لم تكن الكهرباء موجودة بعد" ، وزاد تبعاً لذلك، الوقت المتاح لقراءة الافكار والعلوم الجديدة فدخل النور الى العقول
مع دخوله الى مفاصل الحياة كلها!!
تطور الانسان مرتبط بقدرته على توظيف عقله والوصول الى الحقائق من خلال طرح الاسئلة الهادفة، وامتلاك القناعة، بان حقيقة اليوم قد يفندها العلم وتكون غير ذلك في الغد، الامر الذي يدفع الانسان الى اعادة طرح الاسئلة من اجل حقيقة متطورة.... بهذه الطريقة، تُصنع المنجزات وتتجدد في كل مفاصل الحياة.
https://telegram.me/buratha