علي فضل الله ||
المجتمعات والدول تختلف في امور كثيرة وقد تتفق في امور أخرى، وقد يكون العراق بكل ما اتهم هو اقوى كمنظومة من كثير من الدول العربية، ولا يمكن أن يكون إنعكاس لما تمر به بعض الدول العربية.. فالعراق امتلك معارضة حقيقية من زمن البعث الكافر ورغم انغماس جزء كبير من قيادتها في العمل السياسي الحكومي الا ان كثير من قيادتها تأنت وراحت تراقب من على التل، مما كانت تلك القيادات كخزين استراتيجي كبير، من الذين يستطيعون ان يواجهوا تحديات الانقلاب أيا" كان شكله ومن يقف وراءه، كما في الطائفية التي انتجتها السفارة الاميركية وحرب داعش المرعبة، فمن أجهض تلك الانقلابات هي تلك القيادات صاحبة التاريخ الجهادي المشرف.
نأتي الجانب الثاني المانع لحدوث الإنقلابات،إنقسام المكونات السياسية على نفسها كدويلات داخل دولة.. شكل ضعفا" للقرار السياسي الحكومي، الا ان ذلك الانقسام أصبح عاملا" ايجابيا" غير منظور، ليصعب عملية الانقلاب السياسي او العسكري وخصوصا العسكري منه، باعتبار أن المؤسسات الامنية والعسكرية تمثل عموم الاطياف السياسية والقيادات فيه لها ولائات حزبية، يصعب السيطرة عليها ولا يمكن توجيهها من كونترول واحد وهذا الأمر بمثابة (التوازن الداخلي المانع للانقلاب) ..
جانب اخر يقلل من عملية حدوث الإنقلابات، ألا وهو الصراع الايراني الامريكي، والذي حق توازن بالنفوذ لهما داخل الجغرافية العراقية وضمن العملية السياسية، فبالرغم من إنقسام الطبقة السياسية باتجاه المحورين ما بين علاقة تحالف وعمق استراتيجي كما في علاقة الاحزاب السياسية الشيعية المحافظة او الاصولية كفتح ودولة القانون وعلاقتهم بالجمهورية الاسلامية الايرانية أو علاقة الولاء المطلق للخارج، كما في علاقة بعض الاحزاب السياسية الكردية مع الولايات المتحدة الامريكية وكذلك علاقة الاحزاب السياسية السنية باتجاه امريكا ودول الخليج.
كما وإن حوزة النجف وتأثيرها العقائدي والروحي، يجعل من مكانتها صمام امان في معترك الازمات السياسية، ولاحظنا دور السيد السيستاني دامت بركاته، كيف قلب الموازين الانقلابية التي اريد منها تقسيم العراق، فأطلق فتواه ب(الجهاد الكفائي) ليحول تشرذم البلاد والمجتمع الى لحمة وطنية وانكسار المؤسسة الامنية والسياسية الى انتصار ابهر كل العالم، لينتج لنا جيشا" رديفا" أسمه(الحشد الشعبي)لا يمكن للولايات المتحدة الامريكية ان تتحكم فيه وهي عرابة الانقلابات في العالم عبر ذراعها السرطاني ًCIA، بل ليكون الحشد الشعبي هو الرادع الحقيقي لكل المشاريع التآمرية الاستكبارية التي تحاك على العراق.
لقد ولى زمن الانقلابات في العراق، بفضل هذا التعقيد والتشابك الداخلي والاقليمي والدولي في العراق، والذين يتأمرون على العراق ويتخوفون من الحشد وقياداته ان يكون هو من ينقلب على باقي القوى السياسية(من باب كل يرى الناس على شاكلته) اقول لهم اطمئنوا واخلدوا للراحة، فهؤلاء ليسوا بقوم غدرة، ولو كان الحشد وقياداته يفكرون بطريقتكم، لانقلبوا عليكم ابان ايام داعش وعندما تم طرد داعش من المناطق الغربية والشمالية، لاحظنا البطولات الإنسانية للحشد قبل البطولات العسكرية، لاحظنا رجاله الغيارى كيف ينحنون ليمكنوا النساء من النزول من السيارات العسكرية العالية التي تنقلهم لمكانات آمنة، وكيف يندفعون لينتشلوا طفلا أو كهلا"من وابل رصاص ارهابي داعش..
على الجميع ان يدرك جيدا"، لا عودة الى الخلف، ولا مكانة لعودة الدكتاتورية وقائد الضرورة او الحزب الحاكم الواحد، وقوة العسكر التي كانت بخدمة الطاغية، اليوم بخدمة الشعب، والعراق ليس كباقي الدول، وان كانت خطواته نحو الامام بطيئة إلا أنه لن يعود إلى الخلف كما حصل في دول عربية عدة.
https://telegram.me/buratha