د. هاتف الركابي ||
عام ٢٠١٤ اصدر رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي قراراً بإلغاء وزارة البيئة ودمجها بوزارة الصحة ضارباً النصوص الدستورية عرض الحائط، ولانعلم كيف قرر وسطر هذا القرار، وكيف لقرار ان يلغي نص دستوري، وكيف اتجهت النية لالغاء هذه الوزارة المهمة جداً مقابل سكوت البرلمان في الدورة الثالثة،، لاسيما ان العراق يعد البلد الاول في العالم من حيث التلوث البيئي خصوصاً بعد ضرب المفاعلات النووية العراقية والضربات الامريكية لحروب متوالية باليورانيوم المنضب ومااحدثته من ويلات وامراض سرطانية واوجاع وهموم كؤود .
فاجأنا امخس مكتب رئيس الوزراء أيضاً بإصدار كتاب او مخاطبة فلاهي قرار ولا هي تعليمات ولا هي نظام ولا هي لائحة تحت عنوان تخويل صلاحيات وتسيبر أمور وزارة البيئ، ولا اعرف ماهية عبارة أمور إذ لايوجد في الفقه الدستوري والقانوني مايسمى بادارة وزارة من وزارات الدولة بمفردة أمور والمخول بالصلاحيات يُسيّر ماذا ..؟! وكيف لكتاب بسيط ان يلغي قوانين أو قرارات رئاسية ..
التساؤل الذي يثار هنا : هل يملك رئيس الوزراء الحق بالتفويض بتشكيل وزارة دون الرجوع الى الآليات التشريعية الصحيحة كما يدعي أحد الخبراء القانونيين الذي أثار الدنيا إعلامياً، والذي يتعكز على المادة ٧٨ من الدستور قائلاً أنها أعطت رئيس الحكومة صلاحيات عظيمة وكبيرة، وأعتقد أن هذه الآراء ستضع أقدام السيد الكاظمي على شفا جرفٍ هار، كما هو الحال في قرار مجلس النواب عندما اصدر قرارا بتشكيل وزارة لمكون التركمان، فمجلس النواب قد ألقى الكرة في ملعب الحكومة عندما أصدر قراراً بتكليف الحكومة بتشكيل الوزراة، وهنا البرلمان قد اعطى بشكل رسمي الحق لحكومة الكاظمي باتخاذ الاجراءات التشريعية، ولا يمكن مطلقاً أن يتم تشكيل الوزارة دون تقديم مشروع قانون بذلك الى البرلمان، فإن أي جسم غريب يوضع لهيكلية الدولة لابد أن يكون بمقتضى قانون .. وبذلك نصت المادة ٨٦ من الدستور العراقي ينظم بقانون تشكيل الوزارات ووظائفها واختصاصاتها وصلاحيات الوزير ، إلى هنا ينتهي نص هذه المادة الدستورية الصريحة والواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ولاحاجة للاجتهاد والسجال الذي يقدح في المضمون..
ولعمري فإن استحداث وزارة بدون قانون سيجعل ذلك القرار معدوماً عقيماً ولاينتج أي آثار قانونية ومن ثم سينحدر إلى الدركة الدنيا من عدم المشروعية،، واذا يسأل سائل عن قانون وزارة البيئة رقم ٣٧ لسنة ٢٠٠٨ باعتباره نافذاً ؛ نحن نقول ان هذا القانون قد أعلن عن موته من قبل العبادي وبمباركة السلطة التشريعية في ذلك الوقت،، وحان الوقت لتشكيل المجلس الوطني للبيئة ..
وتأسيساً لما تقدم ولان العراق من البلدان التي تعاني من ويلات البيئة المتهالكة والمميتة للانسان،،
أقترح على رئيس الوزراء بالتشاور مع البرلمان ويقع عليه تقديم مشروع قانون المجلس الوطني للبيئة يتضمن التعريف والتأسيس ونطاق السريان واهداف المجلس في هذا القانون ووسائل تحقيق هذه الاهداف والهيكل التنظيمي وصلاحيات رئيس المجلس والدوائر والاقسام لهذا المجلس والاحكام المالية والاحكام الختامية ثم الاسباب الموجبة، ويقدم الى البرلمان لاجل استحداث المجلس الوطني للبيئة، وهذا ماجرى عليه العمل في كل قوانين مؤسسات الدولة العراقية ومن ثم التصويت عليه، أي يخضع للاجراءات التشريعية في البرلمان من القراءة والمناقشة في اللجنة المختصة ثم القراءة الاولى والثانية والمناقشة ثم التصويت في جلسة المجلس ثم المصادقة من رئيس الجمهورية ثم النشر في جريدة الوقائع وبعد ذلك يكون المجلس قابل للتطبيق، ولا ان يكون بموجب قرار او تعليمات وهذا الرئيس يلغي، وذاك الرئيس يرجع ويخول وهذه القرارات العبثية والعشوائية توقعنا بمخالفة لنص المادة ٨٦ من الدستور .
فالقرار او الكتاب او التعليمات الصادرة من الحكومة لايمكن ان يرتقي الى قوة القانون وهذا ماعرفناه في سمو القواعد الدستورية والقانونية ..إذن فالنص المطلق يجري على إطلاقه ولا إجتهاد في مورد النصوص ..
وهنا نشير ان هناك ملفات كبيرة وعملاقة تنتظر المجلس الوطني للبيئة وخصوصاً ملف التعويضات والمطالبة بالتعويض للعراق امام المجتمع الدولي بسبب الانتهاكات الدولية التي ارتكبها التحالف الدولة بتدمير البيئة العراقية، وبناء المنظومة البيئية وتخصيب اليورانيوم وغيرها ..عندئذ سنكون امام بناء قانوني سليم ..
https://telegram.me/buratha