المقالات

أحلامنا ومشاعرنا أثناء الإصابة بكورونا/3

1607 2021-08-03

 

د.أمل الأسدي ||

 

🔴 الاكتئاب: قلنا أن العافية هي  وقود الحياة، وبزوالها  تذهب لذة الحياة ويفقد الإنسان رغبته، إلا أن الأمراض النفسية أصعب وأثقل وأشد، فهي ليست وجعا ظاهرا يحتاج الی مسكنٍ ما وينتهي!!

هي حال معقدة ، تحتاج الی سلالات من الدعم النفسي والروحي حتی يخرج الإنسان منها، وفي كورونا  يمر المصاب  بحالات  اكتئاب  وإحباط وانفصال عن الواقع بشكل غريب، فحتی من  كانت إصابته خفيفة، لاينجو من أعراض الاكتئاب الشديدة!!

فلا رغبة بالمواصلة،وثمة أسئلة غريبة تلح علی الشخص المصاب، لماذا خُلق؟ ومافائدة وجوده؟ وماقيمة الحياة؟

ولماذا أقدم والداه علی إنجابه؟

وقد يبقی يتصور تلك اللحظات،ولحظات  قدومه للحياة وهو منكر لها!!

يروي أحد المتعافين،وهو رجل عسكري، يقول: إن طبيعة عملي العسكري، جعلتني صلبا، واقعيا،ربما لا أهتم كثيرا بالعواطف ولا أتأثر  كثيرا بسبب طبيعة عملي التي جعلتني صلدا جلدا!!

يقول: أثناء اصابتي كنت أشعر برغبة عارمة في البكاء، فأغلب الوقت أقضيه باكيا، وتحاول عائلتي إسكاتي وتهدئتي،فهم مندهشون من رؤيتي في هكذا موقف، فلم يسبق لهم أن شاهدوني هكذا!!

يقول: لكني كنت أشعر باستعداد تام للرحيل، فلا أجد أي معنی لبقائي في الحياة!!  وقد بقيت هكذا قرابة شهر من إصابتي!

ويروي أغلب المصابين أنهم فقدوا الرغبة في التحدث إلی أي شخص، وآثروا الصمت وأغلقوا جوالاتهم وعزفوا عن الرد!!

بينما يروي بعضهم أنه عزف عن التحدث حتی الی أفراد العائلة واختار شخصا واحدا من الأصدقاء يتحدث إليه، ويشكو إليه كطفل ضائع ينتظر لحظة الوصول!!

وأغلب الذين سألتهم كانوا يشكون من الأعراض نفسها، فيشعر الفرد بأنه ينتمي  إلی عالم آخر، فكل مايراه هنا مشوشا،وضبابية مخيفة تحيط به، وكم يمقت نفسه لأنه  أنجب  أولادا في هذه الحياة، فمن سيعتني بهم؟ ولماذا أنجبهم؟ كي يعرضهم للمرض والموت؟ ومامعنی أن يكون للإنسان ولد؟ ما قيمة كل هذه الأشياء؟

وما قيمة الدراسة والشهادة؟ فالحياة خدعة وحسب!!

🔴 النسيان والهلوسة:

يقتات الإنسان علی ذاكرته،فمن غيرها يفقد  المعاني التواصلية، يضيع كيانه، لذا أشد اللحظات صعوبة من وجهة النظر الجمعية حين يمر الإنسان بفترة الزهايمر ،فيفقد  الروابط والآواصر التي تجمعه بالآخرين، ويفقد مكانته التفاعلية،ويظل يتأرجح بين الفراغ والامتلاء، ومن الأعراض  التي  ترافق كورونا  (النسيان) فحتی الشباب الذين في قمة العطاء، وذروة القوة لايُستثنون من النسيان، فقد تتحدث عن  شيء وتنساه تماما، أو تضع شيئا في مكان ما ثم تنساه تماما،أو تحاول عصر ذاكرتك من أجل تذكر أمر ما أو  اسم ما، فلاتستطيع ذلك!!

وقد تصلي وسرعان ما تنسی عدد الركعات، أو تنسی أنك صليت، ومهما حاول المحيطون بك أن يذكروك لاتتذكر!!

وأحيانا يُخيّل إليك أنك رأيت فلانة أو فلانا جالسا أمامك،أو أنه قد أخبرك بشي معين، وهو لم يأت، ولم يخبرك ولم يحدثك أصلا!!

فتجلس تفكر بوضعك،كيف تصورت هذه الأشياء؟ وماهذه الأعراض؟ هل أنت في خطر؟ أو ماذا يحدث لك؟

وبعد هذه المحاور أود إجمال بعض الأمور لأضعها بين يدي القارئ (العام والمتخصص):

١- أنا لست متخصصة  في الطب أو علم النفس، إنما أنا باحثة وإنسانة عاشت تجربة المرض.

٢- لابد أن يسلط الطب الضوء علی موضوعة الآثار النفسية المترتبة علی الإصابة بكورونا.

٣- لابد من مراجعة عوائل المصابين الذين توفوا ولم يشفوا من المرض ؛وذلك لتدوين ما كان يتحدث به المصابون، وما كان يشعر به الملامسون.

٤- إن كورونا أخف من نزلات البرد والانفلونزا  الشديدة التي تصيب الإنسان في الغالب ، ولكن أعراضها النفسية أشد فتكا !

٤- لابد من تعزيز الجانب المعنوي للمريض، فهو أهم بكثير من العقاقير الطبية.

٥-  لابد من العودة إلی الخالق، والعودة إلی تجارب الأنبياء والأئمة والصالحين ، فهذا من شأنه أن يخفف من أعراض الاكتئاب والفراغ العاطفي.

٦- لابد من وضع برنامج نفسي يرافق  البرنامج العلاجي فهو الأهم، وهو  الذي يسرع حالات الشفاء.

٧- لابد أن يتم تثقيف الجمهور علی هذه الأعراض حتی لايستثقلها المصاب، وحتی لايُترك  يعاني لوحده.

٨-قد لاينطبق ما ذكرناه من أعراض بما يخص الأحلام والمشاعر علی بعض المصابين، أو قد تكون هناك حالات أخری أكثر غرابة!! فأنا هنا اعتمدت علی عينة من المتعافين كما أسلفت.

وفي النهاية يا أحبة، لايوجد مثل التفاؤل والتوكل علی الله شفاء ودواء ، فعودوا الی من خلق كل هذا الكون، وخلق كل هذه  النفوس البشرية ، وخلق كل هذه الأرواح  وأبدع عوالمها، فلايمكن النجاة بالاعتماد علی المادة البحتة وعلی العقل المجرد من دون السمو الروحي والتفكر بمبدع هذا الكون.                                      

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك