حمزة مصطفى ||
في عام 2005 خرج 82% من العراقيين لكي يصوتوا على الدستور. وبحساب كرد وعرب وشوية "هربجي عوازة" فإن الـ 18% من غير المصوتين أو المقاطعين أو الزعلانين على بيدر دخن الديمقراطية الموعودة هم بعض سكان الثلاث محافظات التي رفضت ماخلا نينوى التي صوتت في اللحظات الأخبرة. المعلومات تقول أن محافظتي صلاح الدين والأنبار لم تصوتا على الدستور. وطبقا لمعادلة الثلث المعطل الذي تمثله أي ثلاث محافظات فلو لم تصوت نينوى لما مشى الدستور. لماذا؟ لأن كتبة الدستور الذين هم في الوقت نفسه الآباء المؤسسون للنظام السياسي لمرحلة مابعد عام 2003 توافقوا على مادة دستورية تقول في حال رفض ثلثي سكان ثلاث محافظات التصويت على الدستور وتعديلاته القادمة لن يمضي.
الآباء المؤسسون عدوا مثل هذا الشرط ضمانة للديمقراطية الموعودة التي إن زعل عليها أحد مكونا أو حزبا أو تكتلا أو جبهة أو قوة فإن زعله عليها سيكون شبيه بزعل "العصفور على بيدر الدخن". كرت الأيام وكرت معها أيامنا الحلوة "على كولة" حسين نعمة وتغيرت الأيام وتغيرت معها سحناتنا. فمن كان منا ذا شعر أسود إصطبغ بالأبيض أو الرمادي على الأقل مالم يعالجه بصبغ لكي يقشمر نفسه إنه مازال "ينطلع بيه". ومن كان نحيفا فقد نمى له كرش, ومن كان بلا ضغط أو سكري صار زميلا لكل صيدليات الحي وآخيرا وليس آخرا من كان بلا كورونا فليرمها بحجر.
واليوم وبعد أن شبعت بنا الأيام كر وفر وشبعنا بخلقنا و"جهرنا" صبغ وتعديل ومرات "سمكري" إكتشفنا أن ديمقراطيتنا ماشية حتى لو زعلت عليها كل عصافير الأرض. الدليل على ذلك الدورات الإنتخابية التي جرت منذ عام 2005 والى اليوم. أربع دورات إنتخابية شارك العراقيون فيها جميعا بدء من التصويت على الدستور بالنسبة التي ذكرناها وصولا الى آخر إنتخابات عام 2018 حيث لم تيلغ نسبة المشاركة أكثر من 20% لو تحلف جينين بلاسخارت براس إنطونيو غوتيرش. لاحظوا الفارق, عام 2005 يخرج 82% مع كل هوساتهم وعراضاتهم لكي يصوتوا على دستور أعمى, أعرج, كسيح. جامد ليس بوسع أي قوة في الكون تغيير أبسط مادة فيه. واليوم يرفضون التغيير مع إنه صار طوع أمرهم لو أرادوا. هذا طبعا حظ الأحزاب والقوى المهيمنة.
ولأن الأيام دائمة الكر والفر ومايترتب على ذلك من إمكانية نضج في مسار التجربة فإن المحصلة التي إنتهينا اليها الآن هي خروج الـ 82% المصوتين على الدستور من معادلة الديمقراطية التي يفترض أن تنضج لكي يبقى في الصورة الـ 18 أو الـ 20% الذين تزامط بهم الأحزاب والقوى السياسية المرابطة عند خطوط التماس دفاعا عن خندق الديمقراطية العظيم حتى مع إنسحاب من إنسحب من القوى والأحزاب والتيارات. لست مدافعا عن المنسحبين ولست مهاجما للمتبقين, فأنا في النهاية ومثلما "أهنبل" دائما مع الخيار الديمراطي لا فرق لدي إن كان خيار قثاء أو طعروزي. فالحكم في النهاية هي صناديق الإقتراع التي لاتزال تمسك بها إرادة الأحزاب النافذة والمحظوظة دائما وأبدا بشعب لا يعرف حتى قيس سعيد بجلالة قدره .. شيريد.
https://telegram.me/buratha