المقالات

يمكن للبصرة ان تبتسم


 

عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

"ام الخير" و"ثغر العراق الباسم" هكذا يصفون البصرة او يسمونها، ولكن  الابتسامة جافت ثغرها دهورا طويلة، بل كانت البصرة تبكي لعقود من الزمن، وكان بكاؤها دما، فعلى مدى ثمان سنوات، تحولت الى مسرح مفتوح لحرب ضروس، مازالت اثارها، الغاما ودمارا، شاخصة حتى هذه اللحظة، فقدت الكثير من ابنائها، وهجرت نوارسها الجميلة شط للعرب، وسامها العطش، حتى جف الحرث والضرع، وما كادت حرب الثمان تنتهي ، حتى اندلعت حرب اخرى، وساحتها البصرة ايضا، تلك هي حرب "غزو الكويت" في اب ١٩٩٠، وعندما اقتربت هذه الحرب من نهايتها او كادت، قررت البصرة، ان ترفع صوتها احتجاجا على دمارها، لتندلع من قلبها المكلوم، اقوى انتفاضة يشهدها العراق، انتفاضة اذار ١٩٩١، لتعمّ البلاد كلها، فكان النظام قاب قوسين او ادنى من الانهيار، ولكن ثمة اجندة، انزلت عليه سترة النجاة، وسمحت له باستخدام الطائرات المروحية، ليمعن انتقاما من البصرة، واخواتها المحافظات الاخريات، فامتلأت احياؤها بالمقابر الجماعية، وجُرفت بساتينها، وجاءوا  على ماتبقى فيها من حياة..

وبقيت البصرة تكابد شظف العيش، وهوانه، حتى جاء عام ٢٠٠٣، فاستبشر اهلها خيرا ، بعد الذي عانوه من ويلات الحروب..

نعم، تغيّر الحال، واصبحنا نتحدث عن موازنات سنوية، بارقام فلكية، لم يسمع بها العراقيون من قبل، مليارات الدولارات وترليونات الدنانير، وكان الجميع يتوقع ان تشهد البصرة، نهضة غير متوقعة، حتى تصبح انموذجا يُشار له بالبنان،..

نعم، ثمة مشاريع انجزت هنا وهناك، ولكن تلك المشاريع لم تشبع جوع البصرة، ولم ترو ظمأها، وبقيت الابتسامة شحيحة على ثغرها، الا في السنوات الاخيرة، فقد بدأت هذه المحافظة، التي تُكنى ايضا بـ"ام الخبزة"، تبتسم ابتسامة  باهتة، ولو استمرت حركة البناء فيها على الوتيرة التي هي عليها الان، فان هذه الابتسامة، ستتسع وتصبح ، حقيقية، فالزائر الى البصرة اليوم، يشاهد في نهارها، حركة واضحة في تنفيذ المشاريع، بمختلف المجالات، في الماء والمجاري، والطرق والجسور والتعليم،  والصحة، والسكن والزراعة والصناعة، وثمة حركة استثمارية ملحوظة، تشهدها البصرة، وفي ليلها، يشهد الزائر، انبعاث حياة حقيقة، فيها الق وبهجة، وثمة مناطق انتقلت من حالة البؤس، الى حياة مختلفة تماما، مثل منطقة "القبلة"، كما ان  حركة البناء  التي يشهدها ميناء الفاو الكبير، تشي بمستقبل مرفه للبصرة والعراق، والبصرة ايضا ضربت موعدا مهما مع خليجي ٢٥، لتؤكد من جديد  عراقتها واهميتها، ولكن في المقابل، مازال عدد من مناطق البصرة واحيائها، تعاني الامرين، فهي بحاجة الى كل شيء، لكي تستعيد عافيتها، والماء اولا، فالبصرة مازالت تعاني من العطش، وعطشها هذا هو الذي يجعل ابتسامتها جافة وباهتة احيانا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك