كندي الزهيري ||
من قال ان الكلمة لا تفعل شيئا؟ الكلمة اما ترفعك إلى السماء فخرا ، أو تنزلك إلى البحر ذل، بالكلمة تخلد وتفنى ، تحب وتكره، تبني أو تهدم ، تنتصر أو تخسر، الكلمة حياة أو ممات انها اقوى شيء في الوجود.
قاتل الأنبياء والمرسلين على كلمة ،وعرضوا على النبي محمد ( صل الله عليه وآله) كل شيء مقابل ان يتنازل عن كلمة ، وطلبوا من الامام علي ـعليه السلام ـ لكي يمنح الخلافة كلمة، واستشهدت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ من أجل كلمة وكذلك الحسن وكل آل البيت عليهم السلام وكل حر في العالم يعلم اثر وقوة الكلمة.
الحسين عليه السلام طلبوا من كلمة مقابل ان يعيش في أمان !، ويعطوه ما يريد بشرط إعطائهم الكلمة.
ابا سيد الأحرار ذلك وقال ( مثلي لا يبايع مثله) ، وخرج الأمام ـ عليه السلام ـ معلن عن ثورة الإصلاح في المجتمع الذي تمزق بالجهل وغرق في الذنوب والمعاصي بسبب حكم بني امية ومن ساندهم.
فقام واعطى دمه من أجل كلمة الإصلاح التي انتصرت على سيوف الطغاة والفاسدين .
هنا يسأل سال، هل حققت كلمة الأمام الحسين ـ عليه السلام ـ اهدافها؟ .
قبل الجواب علينا أن بين بأن الامام كان يعلم بأنه لا يمكن أن ينتصر عسكريا ولا انتصار آني، انما نظر الامام إلى ما بعد ذلك من انتصار دائم وخالد يحقق اهدافه جيل من بعد جيل.
الأهداف التي حققها الامام الحسين عليه السلام:
١ـ طلب الإصلاح وليس السلطة،
(تثبيت دين الله)، وليس تمرداً على السلطة، أو طمعاً بها، كما روّجت له بعض الجهات، وممّا يدل على ذلك؛ أنّ الإمام لم يدعُ الناس لبيعته عندما خرج من المدينة ونزل مكة، بل خروجه ثورةٌ ورفضٌ للظلم والطغيان.
٢ـ إعادة الثقة بمفاهيم آمن بها المجتمع الإسلامي، أهمّها العدالة؛ لذا رفض الإمام الحسين عليه السلام الخضوع ليزيد بمبايعته؛ لأنّ مبايعته تعني القبول بالخرق الذي أصاب المفاهيم الإسلامية وتثبيته.
٣ـ في الجانب السياسي، الذي كان النواة الحقيقية للإصلاح؛ لأنّ الأُمّة مرتبطة بقادتها، وهنا وجب الرجوع للجانب الشرعي، وتسلّم السلطة السياسية من قِبل الإمام الحسين عليه السلام، وتطبيقاً للمنهج الإسلامي الذي دافع عنه الإمام الحسين عليه السلام، لم يكن تمسّكه بالخلافة إلّا من خلال أحقيته فيها، إذ قال: «فمَن قَبِلَني بقبول الحق فالله أوْلى بالحق، ومَن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين»
٤ـ محاربة الفساد الذي أشار إليه الإمام عليه السلام كان سارياً في الأُمّة نفسها لا الحكم فقط؛ لذا جاءت التعبئة الدينية مخرجاً ناجعاً للإمام في تحشيد الناس وترغيبهم في الثورة على الظلم والفساد، وبيان آثاره اجتماعياً وفكرياً، وسياسياً وعقائدياً، ومن هذا الاستدماج ما نلاحظه في خطابه لأعدائه وأتباعه.
٥ـ عدم التنازل أو المساومة على قضايا الأمة مهما كلفه الأمر ( لا والله، لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد).
٦ـ موقف المعارض الثابت الذي لا تقريه طلب الدنيا ولا تهزمه التهديدات حيث قال الإمام ـ عليه السلام ـ ( ومثلي لا يبايع مثله).
٧ـ نهضة عاشوراء نهضة لإحياء سُنّة النبي صلى الله عليه وآله والدفاع عنها، ونقلها إلى حيّز التطبيق في حياة المسلمين.
٨ـ لم يكن للثورة أيّة أساليب خارجة عن الإسلام، بل مع حراجة الموقف وصعوبته ما زال الحسين عليه السلام متمسكاً بالإسلام وتعاليمه حتى مع أعدائه.
من اراد ان يثور على ظالم عليه ان يتخذ من ثورة الأمام الحسين ـعليه السلام ـ نموذج تطبيقي حتى ينتصر ويحقق اهداف ثورته.
ما شاهدناه امس بما يسمى ( ثورة) كانت عبارة عن ابليس وجنوده ولهذا لم تنجح لأنها كانت ثورة (فاسد على فاسد ).
يا ساسة العراق ما تعلمتم من ثورة الأمام ـ عليه السلام ـ ، دعاكم الشيطان الأكبر فأجبتم ، طلب منكم كلمة فأعطيتم بلد بالكامل مقابل ذلك اعطاكم الذل والهوان والخضوع واطعمكم من فتات الخبز وجعل ايامكم اسود من قطع الليل المظلمة، من اراد ان يكون حر شامخ مخلد عليه ان يتخذ من ثورة كربلاء طريقا للخلود، والاصلاح البلد ورفض الظلم والفساد مهما كانت النتائج .
https://telegram.me/buratha