حسن كريم الراصد ||
لم استطع فعل غير ذلك .. فات الوقت ان ابدل طينتي التي عجنت بحب ايران .. ليس بمقدوري ان اكره من غذيت على حبه من ثدي الرواحم .. سامحوني فالحب اعمى .. وانا اعمى ليس مثلكم ذو بصيرة ..
فليس من الهين ان ابدل جلدا قيس على حجمي وتناسب مع وضعي منذ نصف قرن .. فقد فتحت عيوني على الدنيا وانا لا اسمع اسم علي في الاذان الا من ايران .. وكبرت حتى صرت صبيا وانا ارى والدي متسمرا يحتضن المذياع يضع سماعته على اذنيه بلهفة وشوق وقد فارق وقاره تتغير سحنته تارة باحمرار وحماس وتارة بابتسامة وارتياح .. فسألته : ماذا يجري ؟ فاجابني مزهوا : لقد اصبحت للشيعة دولة وانتصر الشعب هناك واصبح سيدا علويا عالما ثائرا قائد للشعب .. لست قادر على ان أنسى دعاء كميل وقد عرفته من ايران ..
نشأت وكبرت وكبر معي هذا الحب الذي صار منهجا وعقيدة فواليتهم بعلي فانا احب من يوالي علي ..
وعشقتهم كعشقي للحسين فلم اجد في الدنيا من يبكي معي في عاشوراء غيرهم .. ولم اجد من يأكل من قدور قيمتي في الاربعين غيرهم .. ولم اسمع صوت المقاومة لدولة الجبابرة الا منهم ولم اتعرف على الحكيم الا وهو يعيش في كنفهم وكان لا يسمح له بالهتاف بهيهات منا الذلة الا من منابرهم وديارهم .. ودارت السنين وهذا الحب يكبر حتى كاد ان يتفجر عندما غزتنا اسراب المتوحشين فاحتلت ارضنا واستباحت عرضنا واذلت كرامتنا .. فوقف العالم يتفرج ..
صمت ابناء عمومتنا .. ضحك منا الغرب .. سخر منا شركاء الوطن .. توقفت الارض عن الدوران بانتظار ان تسبى نساءنا .. فاطلقت الفتوى . ولكن ليس في الغمد سلاح .. وليس في الجعبة عتاد . . فكيف نقاتل من وقف العالم خلفه يصرخ به : اسحقوهم .. دمروا ما بنوا .. واسقطوا دولتهم .. فر الناس حتى اختنقت المطارات بهم . خفتت الاصوات الا صوت واحد .. صوت ابناء فارس يصرخ بنا من كرمان : اصمدوا .. ففي الصباح سيحمد القوم السرى .
سارت القوافل .. وامتلأت المخازن . وجهز الرجال وتسابق الابطال وانتهت اسطورة الدجال . وهدأت النفوس . وتوثقت من النصر القلوب. ... ثم دارت دورة الليالي لاستيقظ ذات يوم لاجد ان العدو الذي قتلني صديقا واخا . والاخ الذي دعمني عدوا تفر الناس منه فرارها من العار والشنآن.. فشعرت بالغربة ولكني لم استطع ان اقتلع ذلك الحب من فؤادي .. اعلم ان فيهم القومي السيء . اعلم انهم يخطأون كما يخطأ البشر ..
ولكني احبهم .. فلست نذلا لانسى فضل من وقف معي .. وانا نفس والنفوس جبلت على حب من احسن عليها .. فكيف ابدل سليقتي ؟؟ وكيف انصاع لجهات ارادت مني ترك هذا الامر لا لشيء الا انهم قطعوا التمويل عنهم .. الا لانهم لم يدعموهم ليكونوا حكاما ليملأوا خزائنهم من ثروات البلاد ..
كرهوا ايران .. وثقفوا جمهورهم على كرهها بشكل غريب .. اصبحت واذا بالناس تتفاخر بكره فارس وتتسابق ايهم اعلى صوتا في شتمها ليسمعه الامير ويحظى بمكانة في قلوب المستكبرين !!
واليوم يريدون مني التخلي عن حبي الاول القديم .. يريدونني ان اسير في ركب الضغينة الذي تقوده العصابة التي نسفت بمفخخاتها اجساد ابنائي .. يريدونني ان اتخلى عن عقيدتي .. عن تاريخي . عن تراثي. . عن عمقي . عن ارث ابي وجدي .. عن قلبي المجنون .. هيهات .. هيهات فذلك لن تنالوه مني وان سلطتم علي صبيانكم يشتمونني وان قلت لا اله الا الله . محمد رسول الله ..
فلست عبدا ولا اجيرا ولا متخشبا ولا متصنما .
بل حرا يحدو به العشق نحو واحات الجمال والوفاء ونبل المشاعر ..
https://telegram.me/buratha