قاسم سلمان العبودي ||
كثيرة هي التحليلات السياسية التي تزاحمت بعد قرار الولايات المتحدة الإمريكية بالأنسحاب من أفغانستان ، بعد أحتلال دام أكثر من عشرين عاماً ذاق خلالها الشعب الأفغاني صنوف العذاب والتشرد ، مابين متعاون مع المحتل الأمريكي و بين منخرط في صفوف طالبان ، التي تشكلت عقب الغزو السوفيتي لأفغانستان ، وبين من فضل البقاء على الحياد .
كثير من المحللين ذهبو الى أن الإنسحاب جاء بعد أن لم يجد الجيش الإمريكي ضالته بعد هذه السنوات العشرين ، ولم يحقق ما جاء من أجله لذا آثر الإنسحاب من أفغانستان ، مكتفياً بصناعة جيش أفغاني قادر على مواجهة حركة طالبان بعد عشرين عاماً من التدريب ، والذي ترك أسلحتهِ وهرب بعد أقلاع أول طائرة تحمل طلائع الجيش الإمريكي المنسحب !
يتوهم كثيراً ممن يعتقد أن الجيش الإمريكي لم يكمل مهمته في أفغانستان . ما يحصل هو تسليم السلطة في أفغانستان لهذه الحركة الإرهابية التي لا تحمل سوى الأسم فقط من كلمة طالبان التي تعني طالب العلم . فلا علم لهؤلاء سوى التكفير والتخريب والفهم الخاطيء للأسلام .
اليوم أنهت الولايات المتحدة حقبة من الزمن بعد أن أرست دعائم هذه الحركة الإرهابية ، ورسمت خارطة طريق واضحة لها بقيادة البلاد نحو معركة ( خشنة ) جداً مع الصين وأيران . المعركة أقتصادية بحته . لأن المشروع الأمريكي يقوم على مقاطعة طريق التجارة الدولي الذي يمر من خلال أيران ذهاباً الى أوربا . لقد أفشل المحتل الإمريكي هذا الطريق الحيوي المهم في العراق بما أسموه ( حراك تشرين ) من خلال أسقاط حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ، والمجيء بحكومة الكاظمي ( الوديعه المطيعه ) بديلاً عن سابقتها .
المعروف عن الولايات المتحدة ، أنها تستأجر من يحارب عنها بالنيابه ، والآن أكملت خطتها بأنشاء غده ضخمة في أفغانستان لعرقلة طريق التجارة المار في أفغانستان صوب أيران والوصول الى الخليج الذي يربط آسيا بأوربا .
تشترك أفغانستان بحدود صغيره مع الصين في مقاطعة ( شينجيانغ) التي يقطنها أغلبية مسلمة تطلق على نفسها مسلمي الإيغور . ومن الممكن أن تتعاون طالبان مع هؤلاء الإيغوريين بأحداث شغب صيني داخل تلك الجمهورية المترامية الإطراف التي لا مزاج لها للعبث الداخلي ، كونها منشغله بحرب أقتصادية ضروس ، من أجل التربع على قمة الهرم الإقتصادي العالمي .
خير من يمثل هذه ( الجلطة الأقتصادية ) لأجهاض الأتفاقية الصينية الإيرانية هي حركة طالبان التي سال لعابها للصفقة الإمريكية التي لا تقيم للوطن الأفغاني والمواطنة وزنا . لقد ألتقت المصالح الإمريكية والطالبانية بأيجاد عدو مشترك لها في آن واحد . الصين ذات النفوذ الإقتصادي ، وأيران ( الشيعية ) ، التي تصنفها حركة طالبان بالدولة الكافرة .
أذن الإجندة الإمريكية أكتملت ، والصفقة بانت ملامحها بوضوح ، القادم هو الحراك الأفغاني بأتجاه الحدود الإيرانية من جهة ، والحدود الصينية من جهة أخرى . على مستوى شخصي ، نحن لا نستبعد دخول عسكري صيني الى كابول ، لحماية المصالح الصينية ، في حال تم قطع الشريان الحيوي للأقتصاد الصيني ، بعد أن أطاح المحتل الإمريكي بطريق الحرير في العراق ، من خلال أسقاط حكومة السيد عادل عبد المهدي .
هذا لا يعني سكوت طهران عن حقها ببناء أقتصادها ، علماً أن الجانب الإيراني يعي تماماً خيوط المؤامرة الإمريكية التي تحاول أستنزاف الجهد الإقتصادي الإيراني الذي تعافى كثيراً في ظل الحصار الغربي على طهران ، وتداعياته الضخمة .
المطلوب هو أرباك شرق آسيا وبلدانها ، من أجل أن تعمل دويلة ( الكيان الغاصب ) على سيناريو التطبيع مع البلدان العربية ، بعيداً عن تلك الضوضاء المقلقة في آسيا لضمان الإمن القومي الصهيوني في المنطقة العربية ، وتحضير ميناء حيفا ، بديلاً عن ميناء الفاو الكبير ، والقناة الجافة ، بعد أن قُطع طريق الحرير بأدوات الولايات المتحدة المحتلة للعراق .
https://telegram.me/buratha