المقالات

الهِبة الديموغرافية


  عبدالزهرة محمد الهنداوي ||   بات العراق قريبا جدا من التمتع بـ"الهبة الديموغرافية" التي تعني،  عملية التحوّل السكاني، الى المستوى الذي يصبح فيه النشطون اقتصاديا من عمر (١٥-٦٣ سنة)، يشكلون اكثر من ثلثي حجم السكان (٦٦٪؜+)، وعندما نقول ان العراق قريب من هذا التحول، فإن المؤشرات السكانية، تؤكد انها ليست الا سنوات قليلة حتى نصل الى هذا المستوى، فالعام الماضي ٢٠٢٠، شهد مليون و(٢٥٨) الف ولادة حية، لترتفع بذلك نسبة النمو السنوي للسكان في العام المذكور الى الى اكثر من (٣.٣٪؜)، في حين كان الحديث يجري عن انخفاض نسبة النمو الى (٢.٦٪؜)، هذا من جانب، ومن جانب اخر فان التركيبة الحالية للسكان في العراق، تشير بوضوح الى تفوق شريحة النشطين اقتصاديا (١٥-٦٤ سنة) التي وصلت الى (٥٦.٦٪؜) تليها الشريحة العمرية (صفر-١٤سنة) التي تشكل (٤٠.٤٪؜)، ونسبة كبيرة من هذه الشريحة، ستدخل خانة القدرة على النشاط الاقتصادي، قريبا، وفي المقابل، تراجعت فئة كبار السن الى (٣٪؜) فقط، وهذا يعطينا صورة واضحة عن حالة سكان العراق خلال السنوات المقبلة.  وعندما نتحدث عن مفهوم "الهبة الديمغرافية" فان وصف التحول السكاني، بـ"الهبة"، فهذا يعني ان المصطلح يفترض الجانب الايجابي، لهذا التحول، والا فإننا ازاء مشهد خطير، فالخطر كل الخطر يكمن في ارتفاع النمو السكاني، مقابل تراجع النمو الاقتصادي، ويمكن ان نصف الزيادة السكانية بـ"الهبة"، في حال كانت هناك سياسات تنموية واقتصادية، تنجح في استثمار هذا التحول، ايجابيا، عبر ادماج البعد السكاني ضمن خطط التنمية، وقد مرت بلدان كثيرة بهذا التحول، ونجحت في مواجهته، واستثماره تنمويا، وقدمت تجارب ناجحة في عملية الاستيعاب هذه. ولهذا اقول، ان العراق، وفي ظل هذا التحول، الذي بدأت ملامحه تظهر واضحة وشديدة في المشهد، بحاجة الى وضع سياسات اقتصادية رشيدة ومرنة، تأخذ بنظر الاعتبار البعد السكاني، والتأكيد على النهوض بالنظام التعليمي، والتركيز على جوانب التدريب والتأهيل للقوى العاملة، لكي تكون قوى منتجة وقادرة على تلبية حاجة سوق العمل، ويمكن اختبار هذه السياسات ومدى قدرتها على التماهي مع الواقع الديموغرافي، من خلال قدرتها على توليد فرص العمل الحقيقية، وارتفاع مؤشرات النمو الاقتصادي، بصورة حقيقية، مستندة الى حركة استثمار واسعة، ووجود قطاع خاص، مُمَكّن ، باستطاعته بناء حاضنات اقتصادية، متينة، قادرة على استيعاب التحول السكاني، وتحويله الى "هبة ديموغرافية" حقيقية، يمكن ان تكون بمثابة محركات قوية، ورافعات عملاقة للتنمية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك