حمزة مصطفى ||
فور مابدا إنه إنتصار لطالبان عند دخولهم بلاحرب العاصمة الأفغانية كابل كتب أحد رجال الدين العراقيين على شبكة الإنترنت تعريفا بطالبان التي لانعرفها, جعل منها أعجوبة الزمان والمكان. لنتحدث أولا عن طالبان التي نعرفها. لست أدري إن كان فضيلته يعرفها مثلنا أم لا؟ لا علم لدي إن كان شاهد مافعلته منذ نشأتها منتصف تسعينات القرن الماضي بأموال وفتاوى مؤسس القاعدة أسامة بن لادن؟ هل يعلم أن طالبان القاعدية التي حكمت القاعدة الطالبانية بإسمها وعلى أراضيها هي التي أقدمت عام 2001 برغم "التواسيل" على تهديم تمثال بوذا؟ هل يرى ذلك العمل من باب الشريعة أم حرام شرعا أم مجرد عمل مكروه وغير مستحب لكنه في النهاية لايثلم ولا شعرة من إيمان طالبان والقاعدة بأصول الشريعة؟.
طالبان التي نعرفها فرضت ماتعتبره هي الشريعة الإسلامية بحيث صارت قندهار أمثولة ظلام لا مثيل لها بل تحولت الى مثل يضرب لكل مايمكن أن يجعل المرء "يهج" من الإسلام بالطبعة الأفغانية. فإذا كانت القاعدة في الشريعة الإسلامية هي الإباحة الإ ماتم تقييده بنص أوتقديم دليل على تحريمه, فإن شريعة طالبان هي التحريم حتى ينقطع النفس لكل شئ بمن في ذلك إذا راودتك نفسك تدخين سيكارة حتى لو كانت لف مستذكرا أبيات مظفر النواب "أيام المزبن كضن تكضن يا أيام اللف". بالنسبة لطالبان لا يوجد لف أو مزبن أو كينت. أما الكينت فقصاصه بالجلد حاله حال بطل البيبسي كولا الأميركي قبل أن تتفاوض أميركا مع طالبان عبر الوسيط الدائم قطر.
هذا تعريف مختصر بطالبان التي نعرفها منذ عشرين عاما حين أسقطت دولتها الجيوش الأميركية لتنصب تحالف الشمال حكاما بإسم الديمقراطية على إفغانستان الويه جيرغية. أي تعريف للديمقراطية مالم يكن كل أبطالها من خريجي الجامعة الأميركية في بيروت "زلماي خليل زاد الأميركي الإفغاني بطل الفيلمين العراقي والأفغاني بدء من عام 2001 في كابل و2003 في بغداد, حامد كرزاي, أشرف غني". أما أشرف غني الرئيس الأخير لبلاد الإفغان الذي "شمع الخيط" بعد ثلاثة أيام من أخطر مرسوم أصدره في حياته الرئاسية وهو أعفاء قائد جيوشه التي أثبتت إنها جرارة بالهزيمة وتنصيب قائد جديد علم الأفغان في ثلاثة أيام كيف "يجلبون" بأجنحة الطائرات المغادرة مطار كابل. هذا المنظر يذكرني وأبناء جيلي أيام التاتات والباصات أم الطابقين عندما "تقبط" حيث لم يعد أمام الركاب الباحثين عن سيارات سوى أن "يتشلبوا" على نوافذها وأسطحها طالما أن الرحلة قد لاتطول. أما طالبان التي لانعرفها فقد تكفل بتعريفها لنا سماحته مفصلا لنا إياهم بوصفهم نماذج للإعتدال والمرونة وسياسة الدولة والرعية حتى لو كانت القصة هي عبارة عن موال أحزان بدأت في تسعينات القرن العشرين ولاتبدو ثمة نهاية له.