الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||
تفاجئ بصري واقشعرَّ شعري وجلدي وأنا اتابع احدى المقاطع المؤلمة والتي عُرضت على بعض الفضائيات الرسمية في المغرب العربي, والعجيب في الامر أن أبطال هذا المقطع قد غمرتهم الفرحة والسرور ابتهاجا بيوم عاشوراء العائد عليهم كما يصفوه بالبركة والخير, وأما المسمى بابا عاشوراء فهو الآخر يمثل دور بابا نؤئيل ذاك الذي يحاول أن يرسم الابتسامة على وجوه الاطفال في مناسبات عامة, وعلى الرغم من تحفظنا على بابا نوئيل وما يصاحب حملته من الحركات والسكنات؛ إلا أن الأمر مختلف تماما مع بابا عاشوراء الذي اتخذ من يوم مصيبتنا يوم فرح وابتهاج.
سيدي بابا عاشوراء المسكين لا أريد أن أقف كثيراً على ما قدَّمتموه من المهازل والسخرية في يوم عاشوراء, وسوف أحاول ان اعتبر أنك في غفلة عن حقيقة عاشوراء؛ لذلك استميحك عذراً واطلب منك أن تقرأ رسالتي وتعيد النظر في مشروعك الذي قد لا تعلم أنك تتجاوز فيها على الاسلام كدين وعلى النبيِّ صلى الله عليه وآله كنبي وصاحب العزاء وينتظر منا المواساة لا التجري والتعدي والاصطفاف مع أعدائه عليه.
سيدي بابا عاشوراء هل تعلم حقيقة عاشوراء فتجعل منها يوم البهجة والسرور وتحاول أن ترسم فيها البسمة على وجوه الصغار وتفتخر بذلك وقد الْتفَّ حولك بعض القنوات والفضائيات التي يظهر من اهتمامها أنها على دينك وتتفق مع رؤيتك, أم لا تعلم عن عاشوراء وحقيقتها التي أبكت ملائكة السماء وأبكت الرسول الكريم صلى الله عليه وآله, وأحرقت قلبه وقلوب أهل بيته الطاهرين بفقدهم الحسين الوجيه عليه السلام وعياله وذراري رسول الله صلى الله عليه وآله, مع تلك النخبة الكريمة التي نذرت نفسها لله تعالى فوقفت بوجه طاغية العصر يزيد بن معاوية عليه اللعنة والعذاب, حتى قتلوا جميعا صابرين محتسبين من أجل أن تبقى أنت وأمثالك مسلمين وتعتقدون بالثقافة الاسلامية الصحيحة التي حاولت دولة بني أمية تحريفها وتزييفها.
سيدي بابا عاشوراء إني لك ناصح أمين, فلقد بالغت في الاستهتار بيوم عاشوراء, وحاولت أن ترقص على جراحنا المثخنة بالثقافات الدخيلة التي زرعتها عُتاتُ بني أمية في وسط المجتمع الاسلامي الغافل حتى ظن الناس أن هذا هو الصحيح, والبعض يتقرب إلى الله بالتبرك والتزيين ونشر الفرحة في عاشوراء كما تصنع أنت غافلاً, دون رعاية حرمة النبي صلى الله عليه وآله, والان بعد أن ألقيت عليك الحجة عليك بمراجعة يوم عاشوراء والمصائب فيها لعلك تبكي بدل الدموع فيها دماً لتكفِّر عن الأذى الذي تسببت به إلى مقام النبي صلى الله عليه وآله ومقام أهل بيته الذين جعلهم الله تعالى رحمة للعالمين, ومن المهم ان تعلم أن الاهتداء لما ذكرت لك يعتمد على سلامة نطفتكم وطهارة طينتكم في هذا الاختبار فإن توفقت للرجوع والاعتذار فتلك من نعم الله عليك وإلا فعليك ان تعلم أن الحجاب بينك وبين الرجوع والتوبة طبيعة طينتكم, وقد سبق قوله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام: يا علي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق, والسلام على من اتبع الهدى.
https://telegram.me/buratha