كندي الزهيري ||
لم يكن اختيار العجل صدفة، ولم يكن عبادة بني إسرائيل له مجرد ظرف طارئ. في الحقيقة هناك مصادر عدة وضحت ذلك التساؤل منها ما جاء في كتاب ( قبيلة اللعنة الجزء الثالث/ بنو إسرائيل والنبوة) وغيره من المصادر والمراجع.
أن عجل السامري ؛ يعد وجها لصنم ( بعل) الذي كانت تقدسه بعض شعوب ( بين النهرين) وتعبده ،ويذكر بأن السامري موطنه الأصلي كان العراق وكان رجل عظيم الشأن في مجال العلوم الخفية وغيرها.
وكان " بعل " يمثل عنوانا عاما لإلهة الشعوب " السامية " لا سيما قاطني بين النهرين ،وكان على هيئة ثور ذهبي مقدس.
ويذكر في ( دائرة المعارف الإسلامية الكبرى) بأن مفردة " بعل" الواردة في جميع تشعبات اللغات السامية تعني" السيد والملك ".
ومن وجهة نظر الشعوب السامية ، إن اي ظاهرة طبيعية كانت تبدو مهمة وذات أثر في حياتهم، كانت تتجسد، والروح الساكنة فيها تعد " بعل" وبناء على ذلك ، كان ثمة "بعل " كثيرة بعدد الظواهر الارضية والسماوية، وهذا البعل كانت تعتبر صاحبة الأشياء والأماكن، باستثناء الديانات البابلية والاشورية حيث كان بعل ملك وسيدا على الظاهر.
إن اسطورة العجل أو ( البعل) كان يعتبر مؤشر على التواصل مع الزراعة، وتغيب البعل كان يعني تقارنه مع تناقص المطر وتهديد الموت، للأرض، وان حضوره مجددا، يؤشر إلى بدء تساقطات السماوية في الشتاء والربيع لتخصيب الأرض حسب معتقداتهم
وإن وجود اسماء مثل( اذر بعل، اسد بعل، وآليان بعل ،وآنيت بعل) وكذلك البعل الخاص مثل مكارت ( اله المدينة) الذي كان الاله مدينة ( صور) ، وكان يعبد في ( فينيقيا، كنعان) بما فيها بعل صفوان ( اسم بعل الشمال) ، وبعل روش ( بعل الجبل) ، وبعل سميم ( بعل السماء ) وكذلك اله الكنعانيين الذي يمثل بعل بريث ( رب العهد) وغيرها...
والعبرانيين الذين سكنوا بعد الكنعانيين في ارض كنعان انهمكوا في الزراعة، وتقليد منهم للكنعانيين ، استعانوا بآلهة وارباب تلك البلاد في سبيل النجاح في الزراعة والحصار وزياده في المحصول، فاحتفظوا في ذات الوقت بأيمانهم ب( يهوه) اله بني إسرائيل ، وكانوا يمارسون عادات الكنعانيين في الاحتفالات الربيع والخريف ويقدمون الفواكه والخرفان الصغار إلى " بعل" وزوجته!.
وعلاوة على العبرانيين ، فإن عبادة بعل انتشرت ايضا بين الكلدانيين والبابليين وغيرهم وكانت تلفظ مفردة بعل لدى اليونانيين ( فيلوس) وفي روما( بيلوس).
ويذكر كتاب ( اثرياء اليهود والفرس) في ذكر البعل.
[ ان البعل ( العجل) ؛ مفهوم سامي قديم، ويعني الإله الذي كان صنم ( العجل الذهبي) أحد رموزه، وكان للفينيقيين دور في ترويج عبادة البعل ،بسبب التجارة الواسعة من منطقة " البحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية وبين النهرين وإيران " سببا مهما للترويج ذلك .
وأن الوصف الذي روى عن ( هيكل سليمان) حافل بالزخارف الذهبية وركب ملكان ذهبيان عظيمان في المحراب، وهذا الملك ليس إلا عجل ذهبي مجنح يشبه الحيوانات المجنحة في ايران في معلم ( تخت جمشيد) وكذلك الثور المجنح في (بابل).
وكان عند المصريين يسمى الثور ( ثور ابيس) ولد من دون اب من خلال ضوء القمر حسب معتقدات المصريين، كان يمثل مظهرا ( بتا الالهي) ].
واستنادا إلى المصادر " التوراة "
وبعد يوشع بن نون _ عليه السلام _ صور النبي موسى _ عليه السلام _ تعرض بني إسرائيل لفوضى عارمه ( بحيث قام كل شخص بما كان يعجبه) /سفر الملوك ،الباب ١٧الاية ٦.
والقبائل التي تعرضت للفرقة، لم تستطع الاتحاد فيما بينها، لذلك فقد اضطرت للجوء إلى الحلول السلمية، وافضى ذلك إلى تقليد المشركين لدين جيرانهم بالتقاليد كافة من دون تحفظ.
فتخلى عدد كبير من بني إسرائيل عن عبادة (يهوه) ولجأ إلى عبادة البعل.
ويعلن الله عز وجل بأن سر ميل بني إسرائيل نحو السامري ، يكمن في ( الكفر الكامن في قلوبهم) حيث قال الله عز وجل (( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيَانَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَانْتُمْ ظَالِمُونَ * وَاذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاشْرَبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ أَيْمَانَكُمْ انْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )) البقرة/ الآيتان ٩٢_٩٣.
أن خروج بني إسرائيل عن نطاق العباد المخلصين، كان يعرضهم بالضرورة والتكوين، لإغواء وقرصنة ابليس وجنوده ، لذلك جاءت ( فتنة السامري) بمنزلة اختبارا لقياس منسوب اخلاصهم ومدى ( كفرهم الكامن في قلوبهم).
ان جميع بني إسرائيل ما عدى فرقتين منهم، سجدوا للعجل وتحولوا إلى عبادته وانقسم بنو إسرائيل إلى اثنتي عشر فرقة ، وكل فرقة كانت تضم ( ٥٠٠٠٠) الف شخص. ولم تنجوا سوى فرقتين عاش هؤلاء بجانب جبل ( قاف) ...
أن اليهود قد دفعوا ثمن غياب أربعون يوم لنبيهم ، فنحن إلى يومنا هذا اقصد ( كمسلمين) ندفع ثمن الانقلاب على وصية رسول الله ( ص) ، بعد ساعة من استشهاده ، هذا الثمن ندفعه كل يوم من دمائنا ، فسلط الله علينا عجل بني امية وبني العباس وفراعنة العصر من الطغاة والفاسدين والشيطان الاكبر ، فاصبحنا اليوم امة متأخرة في كل شيء بعد ما أراد النبي الكريم ( ص) ان يجعلنا أسياد على الأمم، لكن النفوس المريضة جعلت من هذه الامة القسم الأكبر منها ،يعبد الطغاة جهلا وخوفا وطمعا. ((مَّنْ عَمِلَ صَٰلِحًا فَلِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ)) ..
https://telegram.me/buratha