حمزة مصطفى ||
في شهر آب عام 1921 تم تتويج المواطن الحجازي فيصل الأول ملكا على العراق. في شهر تموز 1958 قتل حفيده فيصل الثاني مع كامل أفراد أسرته بأوامر متناقضة بين "الضباط الأحرار". الناجي الوحيد من مجزرة قصر الرحاب كانت عراقية هي زوجة الوصي الأمير عبد الإله. الناجي الثاني هو الشريف علي بن الحسين الذي لايزال حي يرزق. نجا لأنه لم يكن يسكن قصرالرحاب. ولو كان موجودا في القصر ليلة الثورة لأضافه العراقيون الى قائمة من يترحمون عليهم صبيحة كل 14 تموز منذ 63 عاما. العراقيون المترحمون على العائلة المالكة لم ينضموا الى الملكية الدستورية التي رعاها الشريف علي أملا في إستعادة العرش المغدور. العراقيون المتباكون على الملكية لم ينتخبوه عضوا في برلمان مابعد 2003. ليس هذا فقط فإن زملائه من قوى المعارضة إستكثروا عليه منصب وزير.
الملك فيصل الأول نفسه وقبيل وفاته بنحو عام "نفض إيده" من إمكانية بناء دولة واصفا العراقيين بأنهم أقوام وقبائل وشعوب متناثرة. بعد سنة من هذا الإقرار مات الملك وإستمرت الملكية, وأستمر معها العراق "دولة" لها جيش وعلم ودستور ومجلس أمة وحكومات شكل منها رجل واحد (نوري السعيد) 14 وزارة. شخصيا أميل الى التسمية التي أطلقها الأستاذ حسن العلوي على عراق ماقبل 2003 وهي "العراق البريطاني" في مقابل "العراق الأميركي" .
حتى بعد سقوط الملكية "1958" إستمرت الدولة بحيش وعلم ونشيد مستورد لكن دون مجلس أمة.فحكام مابعد الملكية منحوا أنفسهم صلاحية الحكم بموجب "الشرعية الثورية". بعد 2003 لم تتغير هوية الدولة التي لديها جيش وعلم ونشيد لايزال مستورد بل تغير شكل النظام من العراق البريطاني الى العراق الأميركي.إستمرت الدولة تدفع رواتب ومخصصات وتقيم المهرجانات والإحتفالات وتشكل المجالس والهيئات وتحيل على التقاعد وتحاكم المتهمين وتكافح الإرهاب والفساد وتنفق على الأرامل والأيتام ولديها سلسلة مقاعد في الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي واليونسكو والفاو وتشترك في معارض الكتب لكن مواطنيها الذين يعيشون في ظلها كدولة خرجوا أواخر عام 2019 ماعدها الكثيرون مفاجأة غير متوقعة وهي .. البحث عن وطن. عن وطن "حتة وحدة"؟ إذن ماذا كنا نفعل طوال 100 عام؟ هل يمكن بناء دولة بلا وطن أو بالعكس. والله ما أدري "على كولة" أحد آباء المؤسسين لنظام مابعد 2003.