محمد العيسى ||
الدعوة إلى تأجيل الانتخابات من قبل الأطراف التي كانت ترفع لافتة الانتخابات المبكرة تقودنا إلى جملة من المعطيات التي تشير بشكل مباشر إلى أن تلك الدعوة إنما يشوبها الخوف من اجراءها في وقتها المحدد لأسباب تتعلق بفقدان تلك الأطراف زحمها الجماهيري أو حضورها الميداني ،اذ أن الانتخابات المبكرة كانت في سلم أولويات حراك تشرين بل كانت شرطها الاول ،
فما الذي تغير لتتحول تلك الانتخابات من مبكرة إلى مؤجلة وربما ملغية؟
الذي حصل أن الأقطاب المحركة لتظاهرات تشرين كانت تتخيل أن الزخم المؤيد للتظاهرات سيبقى على حاله ،بل سيتسع ليشمل قطاعات واسعة وكبيرة من الشارع لكن سرعان ماانقلب السحر على الساحر فتحولت تلك الجماهير المؤيدة إلى جماهير ساخطة ،بعدما شاهدوا الممارسات الفوضوية والتخريبية التي مارسها حراك تشرين ،وادركوا أن هذا الحراك لم يكن صوت عراقي حقيقي يطالب بتحسين الوضع الاقتصادي والخدمي والمعيشي للناس ،بل كان عبارة عن دكاكين ارتزاق تنفذ إرادة أمريكية من أجل نشر الفوضى وإسقاط الحكومة السابقة ومن ثم الغاء كل الاتفاقيات التي كانت تروم تلك الحكومة عقدها .
ومن هنا ورغم الضخ الاعلامي الهائل فإن الشعب قد تيقن أن إرادة القوى المحركة لتظاهرات تشرين لم يكونوا الا ادوات رخيصة بيد امريكا ،وعليه فإن إجراء الانتخابات في ١٠/١٠ معناه سقوطهم الحتمي وبالتالي فإنه يمكن القول إن حراك تشرين يعتبر من أشد المعارضين في إجراءها في الوقت ،بل ذهب الكثيرمنهم إلى التلويح بالعنف أن أجريت الانتخابات في وقتها المحدد .
أن عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد سيجر العراق إلى متاهات كبيرة ربما ستؤدي إلى الفوضى والاقتتال الداخلي ،فضلا عن حدوث فراغ أمني وتشريعي وسياسي سيعيد للعراق كوابيس حقبة الدكتاتورية التي عانى العراقيون من ويلاتها سنين طويلة وبالتالي ستؤدي هذه التداعيات إلى استحالة إجراء الانتخابات مرة أخرى مايقود البلد إلى السقوط في مستنقع التردي والضياع وفقدان الهوية الديمقراطية والحضارية .