قاسم سلمان العبودي ||
أغلب المتابعين للشأن السياسي العراقي يعرفون جيداً أن التيار الصدري سيعود مره أخرى للأنتخابات ، وما الأنسحاب الذي أعلن عنه سوى تكتيك مرحلي واضح ومكشوف .
واجه التيار الصدري أنتقادات لاذعه من قبل أتباعه بعد التسريبات الأكيدة بدعم عملية رفع سعر الدولار في السوق المحلي ، مما سبب موجة غلاء فاحش لذوي الدخل المحدود . كما أن ظلوع بعض ممن يحسب على التيار الصدري في عملية حرق بعض مؤسسات الدولة قد أربك أداء التيار الذي حاول دغدغة مشاعر قواعده الشعبية بحصوله على منصب رئاسة الوزراء ،وبعد الدراسات البحثية تبين تصفير تلك القواعد الشعبية الداعمة للتيار الصدري .
هذه التداعيات أوجبت على التيار وزعيمه مقتدى الصدر بخلق أنسحاب تكتيكي للألتفاف على موجة الأنتقادات اللاذعه التي تعرض لها التيار خلال الفترة المنصرمة . كان توقيت الأنسحاب دقيقاً جداً بحيث تم بعد أن أغلقت مفوضية الأنتخابات باب الإنسحاب منها . بمعنى أن التيار كان على علم ودراية بأن الأنسحاب لو كتب له عدم العودة سيكون كارثة حقيقية لمستقبل التيار الذي يراهن كثيراً على مسألة ( الطاعة ) لآل الصدر .
اراد السيد مقتدى الصدر بعملية الأنسحاب الضغط على الشركاء في العملية السياسية للحصول على مغانم ، وهو يعي تماماً أن هناك من سيحاول ( أن يتوسله ) للعودة مرة أخرى ، وفعلاً تم له ذلك .
فأن الوفود لم تنقطع عن ( الحنانة ) في سبيل أرجاعه مره أخرى للأنتخابات ، وهو المطلوب بالنسبة للتيار الصدري ، الذي لوح بمظاهرات مليونية شعارها الإصلاح ، وباطنها أرباك الوضع الشعبي حتى يكون هناك تأجيل للأنتخابات وعدم أجرائها في موعدها المقرر .
الوفود التي تقاطرت على النجف الأشرف ، هي الأخرى وضعت في حساباتها مجموعة من الأستحقاقات ربما تنفعها في قادم الإيام تحت قبة البرلمان في حال فوزها . أذن المصالح مشتركة ، والكل وضع مصلحته الفئوية و الحزبية نصب عينيه وعمل على ما تمليه عليه الضرورة ( السياسية ) .
الأنسحاب بحسب أدعاء نواب سائرون ، بسبب الحملة الأعلامية التي وجهت لهم من قبل بعض الكتل السياسية ، ماهو ألا أفتراء محض ولا وجود لهكذا حملات أعلامية تستهدف التيار ورموزه ، بل كان هناك أنتقاد لإداء التيار الصدري في المفاصل الحكومية .
عودة التيار الصدري ربطت ، بوثيقة أصلاح وطني ، وهي ( الوثيقة ) من حفزت التيار للعودة مرة أخرى للأنتخابات ، وهذا سبب غير كاف للعودة ، بأعتبار أن عشرات الوثائق قد تم التوقيع عليها منذ عام ٢٠٠٣ الى اليوم ، ولم تجد لها مصداق سياسي وطني رصين ،ولم يعمل بها أطلاقاً ، بل أصبحت حبراً على ورق .
نعتقد أن أنسحاب التيار الصدري كان المراد منه تأجيل الأنتخابات ، ولما تيقن التيار بأصرار بعض الكتل السياسية الشيعية على أجراء الأنتخابات في موعدها المقرر ، وأن رئيس الوزراء الكاظمي ، قد أحرج بموعد الأنتخابات ، قرر الصدريون العودة مرة أخرى بأداعائات مختلفة لحفظ ماء الوجه .
أشارة زعيم التيار الصدري ، وأمتداحه لشخص رئيس الوزراء الكاظمي ، فيها أشارة مبطنة الى أن هناك أتفاق قد جرى بين زعيم التيار مقتدى الصدر والمفصل الحكومي متمثلاً برئيس الجمهورية برهم صالح ومصطفى الكاظمي . على مايبدو هناك أتفاق صدري كردي ، لدعم الكاظمي في المرحلة المقبلة مقابل بعض الإمتيازات للتيار الصدري من الأستحقاقات الوزارية .
ما جرى يبدوا بالضد من قائمة الفتح ( علماً أن السيد العامري ، كان من أشد المعارضين لإنسحاب الصدريين ) من جهة ، ودولة القانون من جهة أخرى ، والتي ذهب زعيمها نوري المالكي صوب أربيل لترتيب الإستحقاق القادم ، ووضع بعض اللمسات على أتفاقيات غير معلنة للجمهور .
العزلة السياسية ، وعدم الحصول على المغانم الإنتخابية ، فضلاً عن بعض الإتفاقات الإخرى التي أبرمت في الخفاء ، يضاف لها ما ذكر سابقاً هي من أوجبت على التيار الصدري ، وزعيمه مقتدى الصدر العودة الى المسار الإنتخابي ، والذي لم يغادروه تماماً .
https://telegram.me/buratha