د. جواد الهنداوي *||
• .نحو رئيس وزراء توافقي
ستكون الانتخابات التشرينية و التشريعية في العراق تنافسٌ بين الاحزاب و المرشحين على الاصوات ، يليها توافقٌ وتراضي بينهم على توزيع السلطات . و أهم تلك السلطات هي السلطة التنفيذية بقيادة رئيس الوزراء ، والذي ستعرّفه ،ليس اصوات الناخبين و انما توافق الفائزين من الحزبيين و المستقلين .
لم يعُدْ ظن التأجيل الانتخابي قائم ،تبدّدت الشكوك في التأجيل بعد اعلان السيد الصدر ، وبتاريخ ٢٠٢١/٨/٢٧، عزمه على المشاركة في الانتخابات و بمليونيّة . موقف السيد الصدر ، في اعلان ارادة المشاركة بدلاً عن ارادة المقاطعة ، بتاريخ ٢٠٢١/٧/١٥ ، جاء كحدث ضمن سلسلة وقائع تقود و تؤكد على اجراء الانتخابات في موعدها المُحّدد . مِن تلك الوقائع ؛ اصرار الحكومة على اجراءها ، موقف الامم المتحدة الداعي الى احترام موعد اجراء الانتخابات ، وكذلك المواقف الدولية ، و مواقف الاحزاب والكتل السياسية ، و نجاح انعقاد مؤتمر بغداد الدولي للتعاون والمشاركة في بغداد بتاريخ ٢٠٢١/٨/٢٨. جميع الوقائع المذكورة تجعل مقاطعة الانتخابات او المطالبة بتأجيلها رهان خاسر و عامل يُهدّد مستقبل العملية السياسية و كذلك امن و استقرار العراق ، وهذا الامر لم يغبْ عن ادراك السيد الصدر . فهو تراجعَ عن الانتخابات بخطوة كي يتقدم نحوها بثلاث خطوات( مشاركة مليونيّة ) .
ما الجديد في الانتخابات القادمة ؟
الجديد هو أنَّ الانتخابات القادمة سترسّخ آليّة التوافق في اختيار رئيس الوزراء القادم، رئيس الوزراء القادم سيكون توافقي وليس، بالضرورة ،ممثلاً عن الكتلة البرلمانية الاكثر عدداً . و قد يأتي للرئاسة دون سند برلماني او حزبي او أنتخابي . سينحسر تأثير دور الخارج في اختيار رئيس الوزراء ، وستؤكد المرجعية الرشيدة عدم تدخلها في اختيار رئيس الوزراء ( ليس بخطاب او بكلمة و انما بعدم تبنّي ) .
ستؤكّد الاحزاب والتيارات الشيعية الكبرى وعددها ٣ وكذلك السنيّة الكبرى وعددها ٢ والكردية الكبرى وعددها ٢ دورها الاساسي في القرار التوافقي لاختيار رئيس الوزراء . وستأتي نتائج الانتخابات وستكون بخارطة تعزّز آليّة التوافق .
تعايشنا و سنتعايش ،لمدة غير قصيرة ، مع الاليات السياسية التي انتجهّا نظامنا السياسي ؛ وهما آليتيّن أساسيتّن : الاولى ،التوافق على توزيع السلطات و المشاركة في ممارسة السلطات ، والتي اعتدنا على تسميتها سلبياً بالمحاصصة ،و أُسميها أيجابياً " بالمشاركة " ، التوافق في توزيع السلطات الدستورية والمشاركة في ممارستها ، مشاركة كل مكوّنات الشعب.
و الالية الثانية هي " الديمقراطية غير المباشرة " حيث يوكّلُ الشعب العراقي ممثليه المنتَخَبين في اختيار رئيس الجمهورية و و رئيس الوزراء و رئيس مجلس النواب . اختيارهم لم يكْ من الشعب مباشرة ، وانما بطريقة غير مباشرة ، من خلال نواّب الشعب.
سيكون شعار " الاصلاح " معياراً و اساساً للمرحلة القادمة في توزيع السلطات و اختيار رئيس الوزراء ، وستقتصر مساحة الاصلاح على الجانب الاقتصادي و الاداري ، و مكافحة الفساد ، وسيعتعصي الجانب السياسي على الاصلاح ، و اقصد بالجانب السياسي ( اصلاح الدستور و الاليات التي مرَّ ذكرها) .
ما ينتظره الشعب تحسين حاله المعاشي و الخدمي و الامني ، و مراعاة شعوره و كبرياءه بعراق مقتدر ومستقل وعادل و منُصِفْ و مُغيث للأشقاء .
*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات .
في ٢٠٢١/٨/٢٨.