كندي الزهيري ||
الصديق ذلك الشخص الذي وجدت فيه ما لم تجده في غيره، ترى روحك ونفسك وفكرك وراحتك عنده ، تفصح له ما في خاطرك ، ويكون عندك مؤتمن ، ومنزلته من منزلتك ، فيكون سند ودرع لك ، يقف بوجه الأيام وعواصفها من اجلك، يسمع منك ولا يسمع عنك ، ذلك الصديق الذي إذ ما غبت عنه شخصا؛ لكن لم تغب عن روحه وفكره أبدا...
جاء الإسلام ليعزز روح الصداقة ويعظمها فجعلها في مرتبة القدسية ، وحرص على اختيار الصديق المناسب الذي تتوفر فيه كافة الشروط الصداقة .
يسأل احدهم؛هل كل صديق نطلق عليه كلمة " صديق" ام ثم هناك كلاما اخر؟..
أن القرآن الكريم و الحديث الرسول محمد ( صل الله عليه وآله) واهل بيته يوضحون لنا، مسار الصحيح بكيفية اختيار الصديق ،ومنها:
١_ان يكون عاقل وصاحب فكر حر لا يخضع إلا إلى الحق، ولسان صادق ، وليس احمق و متهور ولا يسلك بك مسالك المهالك ،
حيث قال الإمام علي ( عليه السلام)《 الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه ، وربما أراد منفعتك فضرك ، فموته خير من حياته ، وسكوته خير من نطقه ، وبعده خير من قربه》.
٢_ ان يكون صاحب اخلاق حميدة، ومؤمن ،ويعرف حدود الله وحقوق الصديق ، ويجب أن لا يكون منحرف أو عاصي أو يبعدك عن الله عز وجل، أو لمام أو كذاب الانه النتيجة اختيار مثل هكذا صديق ستؤدي إلى الندم ،كما جاء في قوله تعالى (( يَومَ يَعظُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيه يَقُولُ يَا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيلَتَا لَيتَنِي لَم أَتَّخِذُ فُلاناً خَلِيلاً)).
٣_ ان تتوفر فيه صفة التبادل المحبة والاحترام والتقدير وحسن التعامل والمواقف، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( زُهدُكَ في راغبٍ فيكَ نُقصانُ عَقلٍ ورغبتُكَ في زاهدٍ فيكَ ذُلُّ نفسٍ ) .
٤_ معرفة نية في التقرب اليك، من خلال امتحانه بين فترة وأخرى،
فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( صديق المحبة في ثلاثة : يختار كلام حبيبه على كلام غيره ، ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره ، ويختار رضى حبيبه على رضى غيره ) .
٥_ يمتحن في الشدائد والمحن ، وفي أيام العسرة وضيق ، وربما تصل إلى درجة التضحية من أجل الصديق، جاء في الحديث الشريف : ( يمتحن الصديق بثلاثة ، فإن كان مؤاتياً فيها فهو الصديق المصافي ، وإلا كان صديق رخاء لا صديق شدة : تبتغي منه مالاً ، أو تأمنه على مال ، أو مشاركة في مكروه ) .
٦_ ان ترى ردة فعلة في حالة الغضب وفي أسوء حالات النفسية ، فإن تحمل ذلك فهذا فعلا صديق،
وجاء في الحديث الشريف : ( إذا أردت أن تعلم صحة ما عند أخيك فأغضبه ، فإن ثبت لك على المودة فهو أخوك وإلا .. فلا ) .
٧_ امتحان الصديق في السفر يخلع الإنسان عن نفسه ثياب التكلف ، فيتصرف بطبيعته ويعمل كما يفكر.
فجاء في الحديث الشريف : ( لا تسمِّ الرجل صديقاً حتى تختبره بثلاث خصال : حين تغضبه فتنظر غضبه ، أيخرجه من حق إلى باطل ؟ ، وحين تسافر معه ، وحين تختبره بالدينار والدرهم).
من هنا يتضح دور وأهمية الصديق في الدين الإسلامي، وأكد ذلك الرسول الكريم محمد ( ص) وأهل بيته ( عليهم السلام) ، واوضحوا الطريق الصحيح الاختيار الصديق، حتى لا نقع في مشاكل وبلوى، كما نشاهد اليوم كم الهائل من المشاكل التي تحدث بين الأصدقاء ،وهم أعداء جمعتهم مصلحة ما ، ربما غير شريفة وغير اخلاقية تنتهي اما بالتشهير أو الطعن في العراض ،أو السجن بسبب الصديق السوء أو القتل ووصولا إلى العشائر وغيرها، الجميع معني بهذا الكلام ( الاب ، الام، العم ،العائلة إلى آخره). اما ان تسلك الطريق الصحيح للاختيار الصديق أو تتحمل النتائج اختيارك...