عبدالزهرة محمد الهنداوي
لن اعيد اختراع العجلة من جديد، عندما اتحدث عن تدوير النفايات، ففي هذه اللحظة التي اكتب فيها عن هذه القضية، يكون العالم، قد قطع شوطا بعيدا في استثمار النفايات، حتى ان بعض دول المنطقة، ومنها الامارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، توصلت الى انتاج الهيدروجين والغاز كوقود للسيارات من تدوير النفايات.
ولكن الذي دعاني الى الخوض فيه، بعد ان خاض فيه الكثيرون غيري، هو ان صديقا لي، اسس مشروعا استثماريا، مستفيدا من تدوير النفايات في انتاج (طبقات البيض) التي يتم استيرادها من الخارج بكلف عالية جدا، وقد حقق هذا الصديق تقدما كبيرا، وهو اليوم يفكر بتوسيع مشروعه ، مستفيدا من التسهيلات المصرفية التي تمنحها البنوك الاهلية، في الحصول على قروض ميسرة، لتنمية المشروع.
وهنا، اقول، ان حجم النفايات الهائل الذي يخلفه سكان العراق، الاربعون مليون نسمة، والذي يصل الى مايقارب الاربعين الف طن يوميا، بالامكان استثمارها من خلال تدويرها في العديد من المجالات، ومنها انتاج الطاقة الكهربائية، والوقود، وغير ذلك، ومثل هذا الاستثمار من شأنه المساعدة في حل جانب من شحة الطاقة الكهربائية التي نعاني منها، كما اننا سنتخلص من مشكلة كبيرة جدا، تلك المتمثلة بنكدس النفايات في مختلف المدن وما يسببه ذلك من تلوث بيئي خطير، فكما هو معلوم ان هناك مشكلة كبيرة تواجه الحكومات المحلية في توفير التخصيصات المالية الخاصة بمتطلبات التنظيف.
ولكن، اعتقد ان المشكلة التي ستواجه تنفيذ مثل هذا المشروع، تتمثل في جانبين اثنين، الاول، قد نكون بحاجة الى تشريع قانوني، يغطي الاجراءات المطلوب اتخاذها، من حيث السماح للشركات المحلية والاجنبية، الدخول في عملية تدوير النفايات، وهذه القضية تتطلب جهدا حكوميا من قبل امانة بغداد والدوائر البلدية في المحافظات، يقابله اهتمام من قبل السلطة التشريعية، للمضي في سن القوانين المطلوبة.
اما الجانب الاخر فيرتبط بالمواطن نفسه، الذي ما زال يتعامل مع النفايات، باسلوب غير متحضر، فنجد الكثير من مواطنينا يرمون نفاياتهم كيفما اتفق، وهنا نكون بحاجة الى حملات توعية، ترافقها اجراءات عملية، تبّين للمواطن اهمية القيام بفرز النفايات حسب النوع، كما هو الحال في بلدان اخرى، وقد يتطلب الامر قيام الجهات المعنية بشراء تلك النفايات من المواطنين، بهدف تشجيعهم على عدم رميها هنا وهناك، وكذلك تشجيعهم على فرزها وتصنيفها، واعتقد ان مشروع انتاج طبقات البيض الذي تحدثت عنه في بداية الكلام الذي يعتمد على بقايا الكارتون والورق، يمثل انموذجا جيدا في عملية تدوير النفايات، وجعلها مصدرا مهما من مصادر تنويع الاقتصاد الوطني، كما ان الظروف باتت مهيأة بنحو افضل من جهة امكانية الولوج في مشاريع تدوير او تحويل النفايات في العراق.