المقالات

وما أدراك ما الحشد ومن وراء الحشد؟!


 

الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||

 

          في ومضة كالبرق الخاطف بين سماء التيه والحيرة؛ إذ كان العراق في لحظات الوداع الأخيرة ظهر صوت الحشد ليقول للموازين تغيري وللجبهات استعدي وللهزائم توقفي فقد حان وقت الانتصار, لقد سمع الغيارى من أبناء العراق نداء الوطن الجريح عبر أثير المرجعية التي كانت وستبقى خيمة لكل الأحرار من أبناء العراق الذي عاث فيه الفاسدون فسلَّموه إلى الرعاة والعصاة وجلسوا على التلال يتنفسون السعداء بعد أن مكَّنوا الاعداء من المال والعرض والوطن والشرف بينما يتنعمون بالأبهة والفخامة في فنادق الخيانة والغدر ويتأملون مصير الشعب الذي لم يكن له حينئذ حولٌ ولا قوة إلا بالله وجنوده من شبان الحشد.

          إن تجربة العراق في تأسيس قوة الحشد يمكن أن يكون درسا لمن أراد أن يفهم معاني العشق بالنسبة لعشاق الغيرة والشرف من محبي الدين الوطن, فقد انبرى شبان العراق في لحظات حاجة الوطن إليهم دونما تفكير بما أو بمن تركوه خلفهم من الآل والأبناء والزوجة والعشيرة وغيرهم, وتلقوْ النداء بوجوه تملؤها البهجة والسرور وكأنهم عرسان الليل يتسابقون إلى المنية بكل فخر واعتزاز واقتدار, لم تمنعهم قلة العدد أو العُدَّة؛ بل خرجوا حفاة مجردين من السلاح يتراكضون نحو الجبهات بقلوب وكأنهم في سباق نحو الحياة.

          لقد كان تشكيل الحشد معجزة اخرى تضاف إلى أمجاد العراق الأبيِّ, إذ تشكل في ظروف خاصَّة من حيث سرعة التشكيل والتوجه والمشاركة في المعارك الكبيرة من دون استعداد أو تدريب أو تمرينٍ كالتي تكسبها تشكيلات  جيوش العالم المختلفة؛ بل انبرى قيادات كانت متنعمة فتركتها, وشبانٌ كانوا في وظائف مختلفة فقطعوها, وشيوخ كانوا وجهاء فاختاروا وجاهة الحشد ومالوا إليها؛ ليتشكل الحشد المقدس بين صوت علا فغلب, وجمهور سمع فاستجاب فانتصر, ومما ينبغي عدم تجاهُله في تشكيل هذه النخبة التي أعادت للعراق كرامته والوطن حياته تلك الشخصيات التي وهبت نفسها للعراق وشعبه كشيبة الشباب المتمثل بالشهيد الخالد- المهندس- مهندس الحشد وقائده الذي رزقه الله كرامة الشهادة على يديْ أعتى خلقه من أعوان الشيطان الأكبر, ولا أنسى أقرانه من شيوخ الفتح ومجاهديه و وشبابه الذين امتزجت دماؤهم بتربة الوطن فاخضرَّ البقاع وازدان الخضاب فشع شمس العراق من جديد.

          إن العمل المؤسساتي في العراق كانت تجربة رائدة لمن أراد النجاح وبلوغ الغاية, فالأحزاب التي فتحت أبوابها وقدمت شبابها ومارست دورها الريادي في الاستجابة لدعوة المرجعية الرشيدة كانت وعاء أمينا لتلك الطاقات الشبابية التي نجحت في استنقاذ العراق وأبنائه من كيد الفجار والظالمين ومنعوا بذلك من السقوط في مكائد الشيطان الأكبر كالتي حدثت في أفغانستان حينما أسقطتها أمريكا على يديْ طالبان, فاستباحت الدماء وقتلت ما قتلت وشرَّدت أبناءها لتتراجع كالمنحدرة من الجبال نحو مصير مجهول؛ بل إلى ضياع معلوم.

          إننا إذ نقف هذا الشموخ اليوم ونعيش لحظات الانتصار علينا أن نقدم شكرنا وتقديرنا للمرجعية الرشيدة وللأحزاب التي استعدت وللشباب التي تقدمت فقضى بعضهم نحبه وينتظر الآخر دوره ليعيش العراق بعز وكرامة وإباء, وعلى الجميع إن كانوا أحرارا أن يتوجهوا إلى الله تعالى بالدعاء والمناجاة لتبقى خيمة العراق ويبقى هذا الامتداد الذي يمثل بحق امتداد سنوات المحنة الصدامية والمواجهات التاريخية مع جلاوزته بين الاهوار والاغوار؛ بل يمثل صيحة الحسين المدوية عبر أثير الزمن (ألا هل من ناصر ينصرنا) فخرج الحشد ليقول: لبيك يا حسين لبيك يا حسين لبيك يا حسين.         

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك