الشيخ محمد الربيعي ||
بالامس فقدنا عالما مجتهدا رباني هو اية الله السيد عادل العلوي ، و اليوم نفتقد مرجع و فقيه من ايات الله المرجع محمد سعيد الحكيم ، فأعظم الله اجر الامة الاسلامية في ذلك .
محل الشاهد :
أننا عندما نعطي الى العالم قيمة عليا في وجوده في عالم الدنيا و الاخرة ، و ذلك الوجود المكرم المنبثق من الوجود الذي اشارت له النصوص الرصينة الإلهية ، الكاشفة عن عظمة ذلك الوجود .
ذلك التكريم ذلك الوجود المقيم كان بسبب ان العالم يمتلك قيمتين عظيمتين هما :
▪️ العلم الرباني الصحيح ، ▪️و العقل الايجابي المصدر للفكر الداعي الى صلاح و البناء باتجاه الخير .
ولذلك انما نؤكد على العلم بما فيه من قيمة بناء لذات الانسان و المجتمع بكافة اصنافه ، وعندما نتحدث عن العقل انما نتحدث عن قيمة ذلك العقل المفكر لكل خير ، و هذا ما نستطيع أن نكتشفه من الحديث القدسيّ الّذي يرويه أئمة أهل البيت (ع): ( لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل ، ثم قال له أدبر فأدبر ، ثم قال: و عزّتي و جلالي ، ما خلقت خلقاً أعزّ عليّ منك.. إيّاك آمر وإ ياك أنهى ، و بك أثيب و بك أُعاقب )، فالأنبياء و الأولياء إنّما انطلقوا في عظمتهم من خلال أنهم ملكوا عقلاً أعطى للوجود عقلاً ، و انفتحوا بالعقل الّذي وهبهم إيّاه الله، فكانوا أعزّ خلق الله بالعقل الذي يختزنونه ، و الّذي هو أعزّ خلق الله .
محل الشاهد :
إن من أعظم المصائب و أكبرها و التي تحل بأمة الإسلام و تذوق مرارتها( فَقْدَ العلماء) ، الذين قال الله فيهم : [ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ] ، الذين زهدوا في الدنيا و رغبوا فيما عند الله عز وجل و جاهدوا في هذه الحياة الدنيا بأنفسهم و أموالهم ، وبذلوا أوقاتهم للدفاع عن الإسلام و أهله و بيان الحق بدليله ، و أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، ولم تأخذهم في الله لومة لائم ، ولم ينظروا إلى ما في يد الخلق بل كانت نظرتهم أعلى من ذلك وأولى ، إلى رفع الجهل عن أنفسهم و عن الناس ، رجاء الثواب العظيم و الأجر الكريم من الله ، و الطمع في دخول الجنة والنجاة من النار ، و النظر إلى وجه الله العزيز .
نعم عباد الله بقاء العلماء و كثرتهم رحمة ، و ذهابهم وقِلّتهم عذاب، بقاؤهم وكثرتهم نعمة، وذهابهم وقِلتهم نقمة ، بل إن مِن أعظم الرزايا التي تُرْزَأ بها الأمة الإسلامية ذهابَ العلماء الربانيين و احدًا بعد الآخر ، وفي زمن متقارب ، ولا يخلفهم في علمهم أحدٌ مثلا و العياذ بالله ، و يكون ذلك النقص مثلا مدعاة ، ليبرز حينئذ أهل الجهالة و الضلالة ، ومَن يدَّعِي العلم و ليس بعالم بل العلم في وادٍ و هو في وادٍ آخر ، فيُبْتَلَى الناسُ به بلاءً عظيمًا .
و إنَّ مِن العيب و السَّفَه أن لا يكون لعلمائنا ذِكْرٌ في نفوسنا و في كتاباتنا ، و إنه من العار أن ننساهم ، و ننسى ما قاموا به من جهاد في سبيل الله ، و دعوة إلى دينه ، و أن نلتفت إلى من تكون مصيبة الأمة في بقائهم ، من أهل البدع و الخرافات و أهل الفكر الدخيل و العقيدة الباطلة ، من أهل المعاصي و الفجور الذين أبرزوا فجورهم و معاصيهم ، ولم يستتروا بستر الله جل وعلا .
فالذي يجدر بنا و يليق بنا ، أن نقبل على علمائنا الذين لا يريدون بعلمهم إلا الله و الدار الآخرة ، و نَستقي من علمهم ، و نضع أيدينا في أيديهم ، و إزالة كل خلاف يحصل في المجتمع ، و نَبْذ ما يُسَبِّب الفُرْقَة والخلاف و نعادي كل مَن يريد تفريق كلمة المسلمين و تمزيق و حدتهم و تدمير كيانهم ، و أن ندعو لأولياء أمورنا بالهداية و الصلاح و بالبطانة الصالحة و أن يكون التناصح فيما بيننا سمة لنا .
و لنعلم عباد الله أن علماء الشريعة الذين رزَقهم الله عز وجل الفقه في الدين و العقل و الحلم لا يريدون للأمة و أولياء أمورنا إلا الخير و الصلاح و الاستقرار ، لا يريدون فتنة و لا مالاً و لا جاهًا و لا منصبًا ولا رياسة، همّهم صلاح الناس .
فنسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى و صفاته العلا وبحق الخاتم محمد ( ص ) واله الكرام ( ع ) ، أن يغفر للعلماء ، وأن يرزقه الجنة ، و أن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء ، وأن يبارك لنا في علمائنا ، وأن يحفظ بلادنا خاصةً وبلاد المسلمين عامةً من جميع الفتن ما ظهر منها و ما بطن، وأن يرزقنا العلم النافع و العمل الصالح.
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و شعبه
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha