المقالات

التجنيد الإلزامي أم التشغيل الإلزامي أيهما أهم؟!

1144 2021-09-05

  حسين فرحان ||   طوابير امام مراكز التجنيد.. و رجل انضباط يعتلي السور لتصدح حنجرته بأسماء المكلفين لاستلام دفتر الخدمة ولربما البطاقة الإلكترونية للخدمة!.. كراج النهضة والعلاوي ببغداد وساحة سعد بالبصرة والحلة وكربلاء ونينوى ولون خاكي ورؤوس حالقة وأمهات تودع الأبناء ولجان تفتيش في مداخل المدن تبحث عن المتخلفين عن الخدمة أو الهاربين.. وإجازات دورية وأخرى مرضية بألف حجة وذريعة.. وكتاب نقل وكتاب التحاق وبدل نقدي وإعفاء لأسباب صحية.. وقصعة وكلاشنكوف وهرولة وعقوبات وأجيال تستخدم مصطلح سيدي لتطلقه على العريف واللواء دون استثناء.. هكذا سيكون المشهد ولا شيء آخر وما هي إلا عودة لمنهج الحكومات الانقلابية التي تعشق عسكرة المجتمع الى حد الجنون، هذا المنهج الذي لم توقفه سوى الآلة العسكرية الأمريكية قبل ثمانية عشر عاما ليعود مكشرا عن أنيابه بقرارات برلمانية وحكومية أقل ما يقال بحق من قررها وأقرها وآمن بها أنه لا يفقه من شأن إدارة البلد شيئا، فهي قرارات -كغيرها- ارتجالية.. انفعالية.. خاوية.. بالية متأثرة بالثرثرة الفيس بوكية التي تُظهر رغبة بعض العجائز بأن العسكرية ستضبط إيقاع هؤلاء الشباب الذين لم ينتفع من طاقاتهم البلد، وهي نظرة تنطوي على تأثر عميق بالعقلية الزيتونية الاستعبادية ولغة القوة والاستهانة بالعسكري الذي كان يطلب منه أن ينزع كرامته عند باب مركز التدريب ليعبث بها عريف مختل أو ضابط لا هم له سوى استعراض نجماته في هذه الساحات الترابية بحجة صناعة الرجال مع أن قناعتنا راسخة بأن الرجولة ليست رهن بالمعسكرات وقد أثبت رجال الفتوى وشبابها أنهم رجال أشداء وإن لم تكن هناك معسكرات، لذلك فأن هذه الفكرة وهذا التنظير  لا يمكن أن يمت  الى الواقع العراقي -اليوم-  بصلة تُذكر، لأن المنظومة العسكرية في الوقت الحاضر ليست بحاجة لهذه الأعداد فمن ينظر لهذه المنظومة سيلاحظ أنها تضم قوات الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب وفصائل الحشد وغيرها من التشكيلات وهذا وحده كفيل بإيقاف هذه المهزلة الإدارية التي خطط لها العباقرة !.. ولسنا نعلم إن كان الذين دبروا الأمر بليلة ظلماء قد استنفدوا الحلول لاحتواء هذه الأجيال فلم يبق أمامهم إلا حلول العقليات الانقلابية وأرباب الأنظمة المستبدة التي حكمت العراق بالنار والحديد والتجنيد.. وهل قدم هؤلاء العباقرة الجدد مصانع للانتاج أو حقولا للزراعة أو منشآت ومؤسسات أخرى تستغل هذه الطاقات ففشلت محاولاتهم ولم يبق لهم سوى التجنيد الإلزامي؟ السؤال المهم.. ألم تدعي الحكومة الحالية وحكومات المحاصصة التي سبقتها أن الميزانية التشغيلية تستهلك نسبة كبيرة من أموال البلد سنويا وتتسبب بعجز كبير؟ فكيف بها وقد أضيف إليها عشرات الآلاف ممن سيخصص لهم رواتب قيل أنها تتراوح بين (500- 750) الف دينار؟ ألا يُعد هذا إنهاكا للميزانية العامة وتجاوزا على سياسة الترقيع التي اعتدنا عليها.. مشكلتنا أننا لغاية الساعة لم نر رجال دولة بالمعنى الحقيقي الذي ينتفع بالتجارب الرائدة التي تبنتها دول كاليابان وألمانيا وغيرها من الدول التي تخلت عن النزعة العسكرية واتجهت إلى خطط بديلة ومنهج علمي رصين للنهوض بواقعها الذي حطمته الحروب وعسكرة المجتمعات.. فما الذي يريده أصحاب فكرة التجنيد الإلزامي من هؤلاء الشباب؟ هل يريدون منهم خوض مشروع حرب جديدة ومع من ستكون؟ هل يريد هؤلاء أن يحيوا المعسكرات ويميتوا الحياة كما فعلت الأنظمة السابقة؟ ولو أن برلمانا أو حكومة أقدما على مشروع يتكفل بصناعة أجيال منتجة لما كان لأي عاقل حق الاعتراض على ذلك، فالإنتاج والتثقيف عليه والانهماك في العمل واكتساب الخبرات هو ما يُعول عليه في بناء الإنسان وبناء الأوطان ولا خير في نظرية بائسة تُلزم الإنسان أن يقضي حياته في روتين سخيف لا جدوى منه.. ومن الغباء تقديم النظريات الفاشلة وعقلية الحكومات والانظمة السابقة على نظريات الدول المتقدمة التي دأبت على أن يكون الجانب العسكري مقيدا بحدود معقولة تتناسب وحاجاتها الفعلية له، ولكن لا يسعنا إلا أن نحتسب ونسترجع ونشكو إلى الله تعالى ما أصابنا من انتكاسة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك