منهل عبد الأمير المرشدي ||
· اصبع على الجرح.
صار بحكم اليقين ان من يحكمنا اناس أغبياء بامتياز لان فسادهم مكشوف وفشلهم ومفضوح ومعلن وموثق وهذا ينسحب على الرئاسات واغلب النواب والوزراء ورؤساء الكتل والاحزاب وزعمائهم وقادتهم . لكن الأمر لا يقتصر عليهم فالغباء الاشد والاقوى والأوضح والأكثر قباحة عند الهمج الرعاع الناعقين مع كل ناعق النابحين مع كل نابح الذين يميلون حيث تميل الريح .
يبدو أنها ثقافة مجتمع ومنهج حياة وطبيعة وتطبع وعادة وتعود ان يكون الغبي هو المطلوب والغباء هي الصفة الشاملة لأغلب ابناء المجتمع الراقص والهاجز والهاتف لكل من هب ودب من اللصوص والمجرمين والعملاء والجبناء والطواغيت الذين جربناهم وعرفناهم ونهبوا كل شيء وفرطوا بكل شيء .
يبدو اننا قد قبلنا وتقبلنا وتطبعنا ورضينا وارتضينا ان تكون مساحة الغباء هي الغالبة ونحن أذكى شعوب الأرض وكأن ما حكى لي صديقي الاستاذ جلال من حكاية الأطفال هي المصداق لحالنا حيث قال ان هناك عشرة أطفال كانوا يلعبون بجوار سكة حديدية.. تسعة منهم اختاروا أن يلعبوا بجوار خط يمر عليه القطار كل فترة لا تتعدى الدقائق بينما اختار الطفل العاشر اللعب بمفرده بجوار خط مهجور للسكك الحديدية..
وحين لمح عامل السكة الحديد القطار القادم أصابه الهلع خوفاً على حياة الأطفال التسعة الذين يلعبون على خط السكة الذى سيمر عليه القطار.. فكَّر الرجل بسرعة وقرر تحويل مسار القطار ليسير على الخط المهجور بإعتبار إن هناك طفلاً واحداً فقط يلعب هناك ويكون قد أنقذ حياة الأطفال التسعة أي أن هذا القرار حقق أقل خسائر ممكنة!!
للوهلة الأولى يتبين لنا أن عامل السكك الحديدية قد اختار القرار الصحيح بمنطق الكم ولكن حين نفكر بمنطق الكيف سنكتشف أنه قد أخطأ فالطفل الذي ضحى به عامل السكة الحديد كان أذكى الأطفال العشرة لأنه الوحيد الذى فكر واختار القرار الصحيح باللعب فى المنطقة الآمنة.. أما البقية الذين أنقذ العامل حياتهم فهم الأغبياء والمستهترون الذين لم يفكروا بطريقة صحيحة واختاروا اللعب في منطقة الخطر.
ربما يبدو أن هذا التحليل غير منطقي وغير عاطفي لدى البعض إلا أن هذا هو الفارق الشاسع بين المجتمعات التي تصنع الذكاء والغباء بين أفرادها.. فالمجتمعات الغبية تضحي بالأذكياء والأكفاء والكفاءات والعقول والمبدعين أما فى المجتمعات الذكية عند الدول المتقدمة فتلهث القيادات وراء العقول وتنفق عليها لأن الأذكياء والعقلاء والنابهين يقودون المجتمع ويصنعون السعادة حتى للأغبياء أيضاً . اخيرا وليس آخرا هناك مجتمعات تصنع الذكاء واخرى تصنع الغباء فأي مجتمع نحن ؟؟
https://telegram.me/buratha